رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 27 صفر 1426هـ - 6 أبريل 2005
العدد 1672

بطالة في مجتمعات وافدة
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

فيما كان مطار البحرين الدولي في المحرق يستقبل المئات من العمال الأجانب الذين قدموا طلبا للرزق في الخامس من شهر مارس الماضي، كان يتجمع نحو ألفي مواطن بحريني عاطل عن العمل في شارع الملك فيصل، رافعين لافتات وأرغفة خبز إشارة رمزية الى مطلبهم المتمثل بإيجاد وظائف لهم· ولو كان هؤلاء المتجمهرون يمثلون كل العاطلين عن العمل لهان الأمر، غير أنهم لا يعتبرون إلا جزءا من المشكلة، حيث يزيد إجمالي العاطلين عن العمل عن عشرة آلاف شخص· لكن الصورة تتعقد أكثر حينما نعلم أن 6500 بحريني يدخلون سوق العمل كل عام، حسب التقرير الاقتصادي الخليجي (2002/2003)· ولو كان شباب البحرين مثل باقي شباب المنطقة وعلى وجه الخصوص مثل أقرانهم في الكويت وقطر والإمارات، الذين "يتعففون" من بعض الأعمال وبالذات اليدوية والفنية منها، لكان الأمر مقبولا، أما أن يكون هذا الشباب مقبلا على كل عمل تقريبا ولا يجده فهنا الأزمة!!

وليست دول الخليج العربي الأخرى أفضل حالا من البحرين فيما يخص البطالة، رغم أن مواردها النفطية لا تقاس بموارد البحرين الضئيلة· فطبقا لما أوردته "الوطن" الكويتية (12/2/2005) على لسان وزير العمل السعودي غازي القصيبي، فإن هناك أكثر من 150 ألف سعودي من الرجال(لاحظ الرجال فقط) عاطلين عن العمل معظمهم من الشباب، وهؤلاء يمثلون 4.9 في المئة من إجمالي قوة العمل السعودية من الذكور، تتراوح أعمار معظمهم بين  16 و25 سنة· أما تحصيلهم العلمي فإن 57 في المئة منهم في مستوى المتوسط فما دونه، بينما بلغ حاملو الشهادة الثانوية 29 في المئة، في حين بلغت نسبة الحاصلين على الشهادة الجامعية فما فوق 14 في المئة، ولا نعلم كم سيرتفع عدد العاطلين عن العمل في المجتمع السعودي لو أضفنا الى ذلك الرقم عدد المواطنات السعوديات الباحثات عن العمل، وبالذات من فئة الخريجات، وأغلب الظن أن الرقم سيرتفع الى ما فوق المئتي ألف بكثير، علما أن في المملكة العربية السعودية أكثر من عشر جامعات عدا الكليات التي هي بمستوى جامعي، وهي تخرج آلاف الطلبة سنويا، نسبة كبيرة منهم من الإناث·

ولم تنج باقي دول الخليج العربي من هذا "الشرر المستطير"· إذ تقدر أعداد العاطلين عن العمل في الكويت وسلطنة عمان بعشرين ألفا لكل منهما· أما في دولة الإمارات العربية المتحدة فيربو عددهم على 37 ألف عاطل - كما بين زميلنا الدكتور محمد المطوع في ندوة جريدة البيان الإماراتية في العاشر من شهر مارس الماضي· وقطر ليست بعيدة عن هذا الوضع، رغم قلة عدد سكانها وثرائها الفاحش·

والمفارقة العجيبة هي أن هذه المجتمعات التي تعاني من تفاقم مشكلة البطالة بين مواطنيها، تشكل العمالة الوافدة فيها بالمتوسط 60 في المئة من قوة العمل، أدناها نسبة البحرين (أقل من 40%) وأعلاها الإمارات وقطر (90%)· ويقدر التقرير الاقتصادي الخليجي جملة قوة العمل الوافدة بسبعة ملايين فرد من جملة 15 مليونا يمثلون مجتمع الوافدين في المنطقة· ولا ينسى التقرير أن يذكر أن مجموع التحويلات المالية لهؤلاء تبلغ عشرين مليار دولار· بيد أن هذه الأرقام ستكون مضللة لو تركت "على علاتها"، ذلك أن نسبة كبيرة من هذه العمالة هي عمالة هامشية لا يمكن لسياسة الإحلال أن تعالج أوضاعها مهما عملت، وبالتالي تؤدي الى نقص البطالة بين المواطنين· خذ على سبيل المثال الخدم ومن بحكمهم، مثل السائقين والطباخين والحراس و"الزراعين" أو "الجناينية"· فهؤلاء شريحة مهمة من شرائح المجتمع الخليجي المترف وتحديدا خدم البيوت·

فعلى سبيل المثال وليس الحصر، بلغ عدد خدم البيوت في الكويت في العام 2003 نحو 275 ألف خادم بمتوسط خادمين للأسرة الواحدة (الرأي العام 15/12/2004)· وأحسب أن هذا الوضع ليس خاصا بالكويت بل هو يشمل كل المجتمعات الخليجية، بهذا القدر أو ذاك· وليس استجلاب الخدم قاصرا على المواطنين فحسب، بل هذا الحق يشمل الوافدين أيضا من فئات الدخول المرتفعة كالمقاولين والأطباء والمهندسين والمحامين وغيرهم· ثم إن العادات والتقاليد تزيد الطين بلة وتجبر المواطن على الاعتماد على العمالة الوافدة الهامشية، ففي المجتمع السعودي حيث يمنع القانون على المرأة قيادة السيارة، تضطر غالبية العائلات أن تضع سائقا لها!!

ويتكدس الخليجيون في أجهزة الدولة وإداراتها المتضخمة، حيث يمثل التوظيف، في غالب الأحيان، عملية إعادة توزيع للثروة النفطية على المواطنين دون أن يساهم ذلك في العملية الإنتاجية· وتتفاوت دول الخليج العربي في استيعاب عمالتها الوطنية في القطاع الحكومي بين الكويت وقطر، حيث أكثر من 60 في المئة من عمالتها الوطنية تنخرط في العمل الحكومي، وبين السعودية وعمان التي تقل فيها تلك النسبة الى أقل من 30 في المئة· ولكن حتى في القطاع الحكومي، فإن توزيع العمالة الوطنية غير متوازن على جميع المهن والوظائف، فهناك تمركز في الأعمال الإشرافية والكتابية وعزوف شديد عن الأعمال الفنية أو التي تتطلب مجهودا أو إعدادا طويلا· ففي مدارسنا الثانوية، نادرا ما نرى معلما من المواطنين يدرس مادة الطبيعة، وسنجد القلة تدرس اللغة الإنجليزية والرياضيات أو المواد العلمية الأخرى، لكننا سنواجه فيضا من مدرسي الاجتماعيات والجغرافيا والرياضة الذين تحتار الدولة ماذا تفعل بهم!! إذن، إعادة توزيع العمالة في القطاع الحكومي والتركيز على الأعمال التي تعاني نقصا وربط مخرجات التعليم، هي كلها وسائل لإفساح مزيد من الفرص الحقيقية أمام استيعاب الأعداد الزائدة من طالبي العمل من المواطنين·

ويتردد غالبية الخليجيين في التوظف بالقطاع الخاص، حيث الأجور المنخفضة، وساعات العمل الطويلة، والتي تنقسم الى فترتين صباحية ومسائية، وظروف عمل صعبة فضلا عن المطالبة بإنتاجية عالية الى جانب فقدان مزايا أخرى· وتحاول دول الخليج العربي تشجيع مواطنيها على الانخراط في هذا القطاع، فاتخذت إجراءات عدة - كما جاء في تقرير أعدته الجزيرة نت في 19/1/2005 - ومنها توظيف نسبة من المواطنين في المؤسسات الخاصة، ورفع كلفة استخدام العامل الأجنبي، ومنع العمالة الوافدة من العمل في مجالات محددة· غير أن هذه الإجراءات لم تثبت فعاليتها بعد، ويتم الالتفاف عليها بوسائل شتى·

والغالبية الساحقة من أصحاب المؤسسات الخاصة يفضلون العمالة الوافدة، فمؤسساتهم ليست مؤسسات خيرية كي توظف العمالة الوطنية خدمة لأهداف وطنية عليا، بل غايتها الربح والكسب· والعمالة الوافدة المحرومة من كل أدوات الضغط الجماعي هي بالتالي غاية مبتغاها، وستكون فريسة سهلة للاستغلال· لذا، لم يجافِ الفريق أحد المسؤولين الخليجيين الحقيقة حينما نقل ما يدور في خلد أصحاب القطاع الخاص في ندوة نظمتها إحدى الصحف الخليجية الكبرى (11/3) حينما قال: "أنت عندما تشغل أجنبيا بـ 4000 درهم يشتغل لك ليلا ونهارا·"!!

alyusefi@taleea.com

�����
   

تكفير.. فعزلة.. فغزو!:
أحمد حسين
دفاع عن نظام ودستور:
عبداللطيف الدعيج
صحوة البرلمان:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
تسويق الثقة!!:
سعاد المعجل
الحائط وعقدة النائب:
محمد بو شهري
المحاذير الدستورية في حقوق المرأة السياسية:
أحمد الطواري
محاكمة الدستور!:
مسعود راشد العميري
الشراكة:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الخليج والديمقراطية:
عامر ذياب التميمي
بطالة في مجتمعات وافدة:
د. محمد حسين اليوسفي
أغنية "في قلبي" التطبيعية:
عبدالله عيسى الموسوي
دولة الذهب الأسود:
م. محمد عبدالحميد محمد
الوزارة تعاني يا بو ناصر..:
على محمود خاجه
الاضطهاد الحزبي:
فيصل عبدالله عبدالنبي
المراهنة على العم الأصمخ:
عبدالحميد علي
كل شيء سياسة:
علي غلوم محمد
من نصدق الوزير أم الوكيل؟:
أنور الرشيد