رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 6 صفر 1426هـ - 16 مارس 2005
العدد 1669

الانتخابات السعودية: خطوة على الطريق
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

افتتح الملك فهد بن عبدالعزيز حكمه بوعد نقلته الصنداي تايمز اللندنية يوم 2/12/1984 بتأسيس مجلس للشورى يتم تعيين جميع أعضائه في المرحلة الأولى ثم يتطور لاحقا ليتألف نصف أعضائه بالانتخاب، وبعد نجاح التجربة ليكون جميع أعضائه بالانتخاب، على أن تبدأ الخطوة الأولى في وقت قريب· غير أن تلك الخطوة تأخرت كثيرا، فكان على السعوديين أن ينتظروا الى ما بعد حرب تحرير الكويت في العام 1991 ليحظوا بمجلس للشورى مكون من ثمانين عضوا جاؤوا بالتعيين، ثم كان على السعوديين أن ينتظروا أيضا عقدا ونيفا ليتذوقوا طعم الانتخابات الذي نسوا مذاقه منذ فترة طويلة!! وأخيرا كان رجال السعودية دون نسائها على موعد مع الانتخابات في يوم الخميس العاشر من هذا الشهر· ولم يكن غريبا والحال هذه، أن يصف أستاذ الجغرافيا بدر الفقيه ذو الأربعة والخمسين عاما وهو يدلي بصوته المشهد بقوله: "كانت هذه لحظة رائعة"·

ولم يصدق الكثير من السعوديين أن انتخابات ستجرى في بلدهم، وكثير من الذين صدقوا لم يروا نفعا في تلك الانتخابات وما ستجلبه من مجالس نصفها معين وذو صلاحيات محدودة، وهذا يفسر لنا قلة الذين سجلوا أسماءهم في سجل الناخبين، حيث بلغوا 149 ألفا من أصل 600 ألف لهم حق المشاركة، لكن كما يقول مراسل الـ B.B.C "عض كثير من هؤلاء بنان الندم" حينما شعروا بأنهم فوتوا فرصة ثمينة لاختيار من يمثلهم!! ولعل من مظاهر هذا الندم هو مشاركة هولاء في الحملة الانتخابية التي استمرت قرابة الأسبوعين، والتي اتسمت بحيوية كبيرة، حيث أضحت المقار الانتخابية متنفسا للحديث في شتى الموضوعات وتستقبل الى جانب الناخبين الشعراء والوعاظ وأهل الاختصاص ليدلوا بدلوهم· أما الذين قرروا خوض غمار تلك التجربة وترشيح أنفسهم، فكانت أسبابهم متعددة، قد يكون أبرزها طلب "الوجاهة" وليس "الجاه" أو "القوة"، إذ تنافس 670 مرشحا في مدينة الرياض على سبعة مقاعد فقط، وكان البذخ واضحا في تلك الحملة، وكانت نوعية المرشحين كذلك تدل على أن السعي الى "الوجاهة" هو دافعهم الأول، فكثير من المرشحين كانوا من رجال الأعمال والأثرياء، الذين لن يزيدهم منصب عضو مجلس بلدي ذي صلاحيات محدودة ثراء!!

وهذه ليست التجربة الأولى للانتخابات في المملكة العربية السعودية كما يشاع، فالمملكة قد خبرت وجود المجالس المنتخبة في الحجاز منذ أوائل العشرينات من القرن الماضي فضلا عن المدن كمدينة الرياض، واستمرت تلك المجالس الى السبعينات وتوقفت لأسباب غير معروفة، كما صرح صالح المالك، أحد أعضاء لجنة الانتخابات لصحيفة النيويورك تايمز (التاسع من فبراير الماضي)· ويتذكر محمد المطلق 74 سنة الذي شارك في "انتخابات أيام زمان" قبل أكثر من أربعين عاما كيف أن تلك الانتخابات كانت تتسم بالبساطة والعفوية، فما كان على المرشح إلا أن يطعم الناخبين ويتوجه بهم بعد ذلك الى البلدية لكي يدلوا بأصواتهم لصالحه·

والمجالس البلدية وانتخاباتها لها حضور تاريخي في المنطقة أيضا، فقد عرفت البحرين هذا النوع من المجالس منذ العام 1919، وحينما زار الشيخ يوسف بن عيسى القناعي البحرين في العام 1928 أعجب بمجلسها البلدي وبما تقدمه من خدمات حضارية، فنقل الفكرة الى الكويت حيث تجسدت في العام 1930، ونص قانون المجلس البلدي في الكويت على أنه يتألف من اثني عشر عضوا يأتون بالانتخاب ويترأسهم أحد أفراد الأسرة الحاكمة، وظل المجلس البلدي منذئذ يأتي بالانتخاب مع تغير في عدد أعضائه ودوراته الانتخابية·

ولا شك أن انتخابات المجالس البلدية تأتي في سياق تطور المشاركة الشعبية المحدودة الذي تشهده مجتمعات الخليج والجزيرة العربية منذ أوائل التسعينات من القرن الماضي أو بالأحرى منذ تحرير الكويت· فقد جرت انتخابات عدة في كل من عمان والبحرين وقطر، ولم تقتصر تلك الانتخابات على الرجال بل تعدتها الى النساء اللواتي شاركن كناخبات ومرشحات في آن معا، وفوق هذا وذاك، تأتي هذه الانتخابات تماشيا مع التطور العالمي نحو الانفتاح والديمقراطية وفي ظل توجه دولي قوي داعم للمشاركة الشعبية وحكم القانون ودولة المؤسسات·

وكان المأمول لهذه التجربة في المشاركة المحدودة أن تسير على خطى دول الخليج العربي كعمان والبحرين وقطر وأن لا تصاب بعدوى التجربة الكويتية فيما يخص مشاركة المرأة السعودية، إلا أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، فقد باتت المرأة السعودية عنصرا مهما في العملية التنموية لا يمكن نكرانه، تدل على ذلك بعض المعطيات المنشورة في جريدة الشرق الأوسط (12/2/2005) فهي تمتلك ما نسبته %30 من رؤوس الأموال، وتمثل %58 من مجموع الطلبة الجامعيين، علما أن هناك أكثر من عشر جامعات في السعودية عدا الكليات التي هي بمستوى الجامعة، ولا بد من الإشارة الى أن المملكة العربية السعودية قد وقعت في العام 2000 على الاتفاقية الدولية "للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"·

ومن المعروف أن انتخابات المجالس البلدية تحظى بأهمية فائقة في الديمقراطيات العريقة، تفوق في أحيان كثيرة الانتخابات النيابية، ويرجع سبب ذلك للمهام المنوطة بهذه المجالس واللصيقة بحاجات المواطن اليومية، كلوائح وقوانين البناء ونسبها، وتجميل الشوارع ونظافتها والإشراف على الأسواق والباعة والاهتمام بالبيئة وغيرها الكثير، ولم تخف تلك المهام على المواطن السعودي وهو يتوجه الى صناديق الاقتراع صبيحة العاشر من هذا الشهر، فها هو المواطن فهد القحطاني، الموظف بوزارة الصحة يعبر لمراسل الفايننشال تايمز عن الدافع وراء مشاركته في الانتخابات بقوله: "إن كثيرا من المقاولين يحفرون حفرا في الطريق ويتركونها دون أن يكلفوا أنفسهم عناء إصلاحها"، وهو يريد أن ينتخب مهندسا من جماعته لمتابعة مثل تلك الأمور·

على أنه مهما قيل عن الطابع الفني للمجالس البلدية وعلى أن مجالات اهتمامها تقتصر على النواحي الخدمية والعمرانية والبيئية، فإن قيام انتخابات في المملكة العربية السعودية ووجود مجالس بلدية نصفها منتخب والنصف الآخر معين، فإن هذا الحدث لا يمكن إلا أن يكون حدثا سياسيا يراقبه الجمهور السعودي المعني أولا وأخيرا بالحدث، فضلا عن مراقبة أبناء المنطقة والعالم، وإذا كانت الجولة الأولى قد شابها فتور في عملية التسجيل في السجلات الانتخابية وبالتالي حرمان عدد كبير من الذين يحق لهم الانتخاب، فإن الجولتين القادمتين في مارس وأبريل اللتين ستشملان المنطقة الجنوبية والشرقية والمنطقة الشمالية والغربية، ستشهدان تسجيلا كثيفا ومن ثم زخما في المساهمة بالعملية الانتخابية التي تعد خطوة على طريق طويلة·

alyusefi@taleea.com

�����
   

هل من لبيب؟..:
عبداللطيف الدعيج
الأوقاف تشجع المتطرفين:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
إسلام وسياسة!:
أحمد حسين
الطريق المفتوح:
سعاد المعجل
مشاركة المرأة ليست هبة.. بل حق:
على محمود خاجه
كيف لنا أن نضحك؟:
محمد بو شهري
انقطاع الأنفاس:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
11-M:
فهد راشد المطيري
حال نهوض؟:
عامر ذياب التميمي
الانتخابات السعودية: خطوة على الطريق:
د. محمد حسين اليوسفي
حق المرأة الآن:
محمد جوهر حيات
حتى الحوار.. بحاجة إلى إعادة هيكلة:
عبدالخالق ملا جمعة
هل تحصل المرأة على حقها السياسي؟:
يوسف مبارك المباركي
قطار التغيير قادم لا محالة:
صلاح مضف المضف
(عمدة لندن).. ألف شكر:
عبدالله عيسى الموسوي
الابن الشرعي للفساد:
عبدالحميد علي
المرأة وحقها السياسي:
المحامي نايف بدر العتيبي