قرأت مؤخرا في جريدة "الأهرام" تصريحا لمسؤول رفيع المستوى في قطاع المياه والصرف الصحي خلاصته أن حرمان قسم كبير من سكان مدينة نصر من المياه لعدة أيام لا يعود لخطأ أو تقصير من القطاع الذي يترأسه "وأظنه الآن أصبح هيئة وشركة قابضة وفقا لسياسات الخصخصة" والذي يؤدي دوره بانتظام وكفاءة، وإنما ترجع المسؤولية التي كان القطاع يتوقعها منذ سنوات إلى السلطات المحلية التي سمحت ببناء أبراج سكنية وعمارات لا تقل الواحدة منها عن عشرة أدوار علما بأن مخطط توريد المياه لمدينة نصر كان محسوبا على أساس أن ارتفاع بيوتها وعماراتها لن يزيد عن أربعة أدوار وبطبيعة الحال استخدم أصحاب الارتفاع الشاهق مضخات لرفع المياه من الدور الخامس إلى الخامس عشر··! وبذلك زاد الشفط على المواسير الأساسية حتى تكسرت بعض كبراها· وإذا كان قول هذا المسؤول صحيحا، فلماذا سكتت كل أجهزة الدولة المعنية عن تلك الارتفاعات المتكررة مع أنها تستهلك طاقة كهربائية تزعم الوزارة المعنية أنها مدعمة، وأنها في النهاية تحطم وعاءات نقل المياه وكل ذلك طوال أكثر من ثلاثين عاما· وهنا تبرز مسؤولية "المياه والصرف" مرة أخرى في إهمالها إجراء الصيانة الدورية للمواسير وإلا كانت اكتشفت الكارثة قبل وقوعها·
وفجأة قرأت صباح اليوم "5 مارس 2005" في الأهرام الخبر التالي منشورا بخط صغير في الركن الأسفل من إحدى الصفحات:
"كشفت أمس الأجهزة الأمنية بالقاهرة عن السبب وراء حدوث هبوط أرضي مفاجىء بشارع محمد كريم بمنطقة الخليفة حيث تبين وقوع كسر في ماسورة المياه الرئيسية بالمنطقة منذ ثلاثة أشهر ماضية مما أدى إلى تدفق المياه دون اكتشاف مصدرها طيلة هذه المدة· وقد انتقلت الأجهزة التنفيذية للعمل على إصلاح الماسورة لوقف تسرب المياه"·
فما رأي مسؤول المياه والصرف الصحي في حالة التلبس هذه؟ أليس في مرور الأشهر الثلاثة دون حتى معرفة السبب دليل على انعدام أعمال الصيانة والتفتيش تماما؟ ثم أليس لهذا المسؤول وزيرا مسؤولا عن حسن سير مثل هذه المرافق؟ أم أن انشغاله بمقاولات المحاور والكباري العلوية التي شوهت القاهرة دون أن تحل مشكلة المرور منها لم يترك له وقتا لمتابعة مسؤولياته الأصلية؟ وهناك احتمال ثالث يمكن أن يكون تكريس الوزير لجل وقته لتنفيذ مشروع تكييل النيل وتلويثه ألهاه عن الجانب الروتيني في وظيفته وهو متابعة عمل الأجهزة التابعة له وهو عمل لا يدر شيئا·
إن تكرار انقطاع المياه بما يراكمه من معاناة وسخط يصبح "انقطاع أنفاس" له عواقبه الخطرة· |