لو كانت المصلحة الانتخابية هي التي تحرك القوى الديمقراطية والوطنية الكويتية لما طالبت بمنح المرأة حقوقها السياسية، لكنها المصداقية والمبدئية والعمل بالمبدأ دون النظر للمكسب وهذا مؤكد لأن النتائج بالتأكيد ستنعكس سلبا على موقف ووجود القوى الوطنية الديمقراطية وعلى نتائج الانتخابات البرلمانية، فالمرأة وطبيعتها المحافظة التي لا تحبذ التغيير وتفضل الواقع دون تعديله وتخاف من المستقبل ومن كل جديد ستساهم بهذه التركيبة في إبقاء وتمكين وتوفير الفرصة للأحزاب المتأسلمة وللتيارات القبلية التقليدية في تحقيق نتائج قد تكون ساحقة لجميع التيارات الوطنية والديمقراطية وكل من يطالب بالتحديث والتجديد، فالفرصة قد تكون ضئيلة أمام جميع التنظيمات والتيارات والشخصيات المستقلة والوطنية لتحقيق نصر برلماني حال تمكينها من حقوقها السياسية وللتدليل على حدوث مثل هذه النتائج السلبية يجب أن نتحقق من النتائج التي تحققها القائمة الائتلافية في الجامعة وخصوصا نسبة تصويت الإناث في الكليات التي تفوق نسبة الذكور واللاتي تصب أصواتهن للقائمة الائتلافية على عكس الطلاب الذكور الذين تتوزع أصواتهم على القوائم المتنافسة دون أن تتوجه لقائمة بعينها حتى لو كان التوجه العام لصالح قائمة على أخرى، فالمرأة في مجتمعنا ينقصها الكثير حتى تتمكن من الاستقلالية وإبداء رأيها دون خوف أو ترهيب أو قمع، فإذا ما أخذنا الرجل كمثل وهو الذي مارس العملية الانتخابية منذ نصف قرن وإلى الآن لا يحسن الاختيار لاعتبارات قبلية أو طائفية أو عائلية فما بالك بالمرأة التي ستكون حديثة عهد وذات نزعة محافظة وتقليدية، فالنتائج ستكون حتما متخلفة·
والسؤال لماذا ترفض الأحزاب والتنظيمات المتأسلمة منح المرأة حقوقها السياسية؟
أعلم أن من يشتري الأصوات الانتخابية يمانع لأنه سيضطر لدفع أموال أكثر لشراء صوت الزوج والزوجة بعد أن كان فقط يشتري صوت الزوج، كذلك أعلم أن بعض أبناء القبائل يرفضون لاعتبارات العادات والتقاليد المسيطرة منذ زمن بعيد ولا يستطيعون التخلص من مثل هذه الأفكار البالية التي لا يقرها الشرع ولاحق الإنسان الطبيعي في العيش بكرامة، لكن الذي لا أعلمه لماذا لا تتدخل الحكومة وهي القادرة وحدها على منح المرأة حقها السياسي في ظل تركيبة مجلس الأمة الحالي بدلا من ترك المجال للنقاش العقيم والمساومة على حق أصيل للمرأة أقرته الشرائع السماوية والقوانين الدولية، فالحكومات الوطنية عليها واجب أن تمارس دورها المنوط بها عندما تفتقد لمجلس شعب يدافع عن مصالح مواطنيه بالتساوي والعدل، أو عندما يمثل هذا المجلس الرجال فقط ويتخاذل بقصد عن حقوق ومصالح النصف الآخر، عندها يكون للحكومة الريادة، فالمجلس الحالي ليس ندا للحكومة ولا يمثل طموحات الأمة وعلى الحكومة أن لا تسكت وتفرح بهذا الضعف بل عليها القيام بدورها وقسمها أمام الأمير المفدى، وتأخذ زمام المبادرة، فمصلحة الكويت هي التي يجب أن تراعى أما المصالح الأخرى فهي زائفة فالكويت أولا، أما إذا أثبت من يعارض منح المرأة حقوقها السياسية أن الدول التالية: "مصر، سورية، تونس، اليمن، قطر، البحرين، العراق، الأردن، أندونيسيا، المغرب، ليبيا، باكستان، الجزائر، السودان وكثير من الدول العربية والإسلامية" هي دول غير إسلامية وقتها نحترم رأيهم، وهل علماء الأزهر جهلة متخلفون لا يفقهون في الشريعة الإسلامية عندما يقرون بحق المرأة السياسي؟! وهل الكويت هي البلد الإسلامي الوحيد في العالم؟!
nayef@taleea.com |