رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 3 صفر 1425هـ - 24 مارس 2004
العدد 1620

التحولات المستحقة!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

مضى عام على بداية حرب إسقاط النظام في العراق ولا يزال العرب يعانون من حال من التوتر وعدم استيعاب معاني تلك الحرب، وإذا كانت الحرب قد تمكنت من إسقاط النظام السابق بسرعة قياسية إلا أن بناء الدولة في العراق، على أسس جديدة، لا بد أن يستغرق وقتا طويلاً، لكن هناك من يريد أن يقنعنا بأن عملية البناء هذه لن تكون يسيرة وهي ليست كذلك، وبأن ما جرى ليس سوى مخطط للهيمنة الأمريكية على المنطقة·

إن المصاعب التي تواجه قوات التحالف، خصوصا في ميدان الحفاظ على الأمن، ما هي إلا مصاعب يجب أن تكون متوقعة في ظل التغيير الحاسم الذي حدث، حيث لا يعقل أن يتم بناء نظام ديمقراطي عصري بعد تحطيم نظام ديكتاتوري شمولي قمعي دون مواجهة مقاومة من أطراف كثيرة كانت مستفيدة من النظام القديم، كذلك يجب الإقرار بأن الصراع مع منظمات الإرهاب الأصولي قد انتقل الى الساحة العراقية والتي تمكنت فيها المنظمات هذه من التواصل مع قوى اجتماعية خسرت مواقعها بعد سقوط النظام السابق وتريد أن تنتقم من قوات التحالف ومن يناصرها من العراقيين، وهذه القوى التي تستخدم أسلحة الإرهاب المتنوعة مثل السيارات المفخخة والعناصر الانتحارية والقنابل الموقوتة ومدافع الهاون لا بد أن تؤذي كل الأطراف الفاعلة في الساحة العراقية، وخصوصا المواطنين العراقيين العزل كما تؤكد ذلك إحصاءات الضحايا·

هناك قضايا أخرى في العراق تتطلب المواجهة مثل البدء في إنجاز مشاريع البنية التحتية ومشاريع إعادة الإعمار ودفع المستثمرين لتوظيف الأموال في مختلف المشاريع الأساسية في القطاعات الحيوية، وإذا كان العراقيون قد تمكنوا من إعادة إنتاج النفط لمستويات جيدة "نحو مليوني برميل يومياً" وتمكنوا من التصدير بكميات تجارية مهمة مما يحقق لهم مداخيل معقولة إلا أن احتياجات إعادة البناء ومواجهة الالتزامات الجارية تتطلب أموالا باهظة على المدى المنظور، وكما يتبين لنا كل يوم أن الإدارة المدنية للتحالف تكشف أن هناك احتياجات متزايدة للأموال للحفاظ على الأمن ودفع الأجور والرواتب والمعاشات التقاعدية للموظفين والمتقاعدين، ومنهم عدد كبير من العسكريين، هذه الحقائق تعني أن تدفق أموال الدول المانحة أصبح ملحا وضروريا لمواجهة الالتزامات، ومن المؤكد أن التدفق السلس لهذه الأموال التي تقدر بأكثر من 60 بليون دولار بالإضافة لحصيلة بيع النفط العراقي ستمكن من خلق فرص عمل للملايين في الكثير من المشاريع والأعمال، ويمكن للمرء أن يزعم أن التطورات الاقتصادية ستؤدي الى خلق ظروف معيشية أفضل ومن ثم تنعش إمكانات الاستقرار والأمن، لكن تحقيق الأمن سيساعد على إنجاز الأعمال وتدفق الاستثمارات·

من جانب آخر فإن العملية السياسية التي بدأت منذ شهر سبتمبر 2003 بتعيين أعضاء في مجلس الحكم ثم تشكيل مجلس وزراء واستصدار قرارات من قبل مجلس الأمن الدولي لإضفاء الشرعية على هذه الهياكل السياسية ثم بعد ذلك التوافق بين سلطات التحالف ومجلس الحكم على تسليم السيادة للعراقيين في نهاية يونيو المقبل، كل ذلك لا بد أن يعني ضرورة إنجاز ترتيبات أساسية لبنية الحكم المقبل في العراق·

ما تم حتى الآن يمثل تطورات نموذجية مثل إقرار قانون الدولة الموقت "أو الدستور الموقت" وهو دون شك يمثل وثيقة مهمة في تطور العراق السياسي وسيكون أساسا صالحا لدستور دائم يضعه ممثلو الشعب العراقي المنتخبون ومهما كانت هناك من ملاحظات وتحفظات فإن هذا القانون يؤكد أن التطور سيكون باتجاه عراق ديمقراطي فيدرالي يحترم حقوق المواطنين دون النظر لأصولهم الإثنية، أو العرقية، أو الطائفية ويعزز التعددية السياسية وحقوق المرأة المدنية والسياسية، إذا نحن أمام فرصة تاريخية لبناء مجتمع ديمقراطي تعددي متوافق في بلد عربي رئيسي لديه قاعدة سكانية مهمة، أكثر من 22 مليون نسمة·

إن التحولات في الساحة العراقية تؤكد بأن هناك عطشا لحرية التعبير وحرية الثقافة فقد انتشرت في البلاد عشرات الصحف والمجلات والدوريات، لا ريب أن هناك الكثير من الغث في بعض هذه النشرات والصحف لكن ذلك لا يمنع أن تتطور الكثير من هذه الإصدارات بشكل يحقق للعراق صحافة حرة وملتزمة بالقيم الديمقراطية ونشر الحقيقة، كما حدث في الكثير من الدول التي تحولت نحو الديمقراطية في السنوات القليلة الماضية، يضاف الى ذلك أن ظهور الأحزاب السياسية وخروجها من تحت الأرض وقيام أحزاب جديدة يعني توفر عناصر قادرة على تطوير بنيات سياسية يمكن أن تتنافس في ظل انتخابات حرة في الأشهر المقبلة، ربما تكون هناك أحزاب غير متوافقة مع العصر أو أنها تطرح أيديولوجيات لا تمكن من تحقيق تقدم مجتمعي أو أنها رجعية أو شمولية الفكر لكن وجودها وعملها على أسس سليمة يعني أن هناك تنوعا فكريا في العراق وما على القوى الديمقراطية الحقيقية إلا أن تتفاعل مع مجتمعها وتقنع أوسع قطاعاته بأحقيتها في إدارة العراق الجديد، إن استحقاقات التحول في العراق تتطلب جهدا عراقيا على المستوى السياسي والتزاما دوليا بدعم الإنعاش الاقتصادي والحفاظ على الأمن·

 

 tameemi@taleea.com

�����
   

الديمقراطية الشكلية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
ملف الغزو!!:
سعاد المعجل
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(3-3):
بدر عبدالمـلـك*
انحطاط العقول وليس "أبو الفنون":
يحيى الربيعان
يوميات محمد في المحكمة(3)
قضاتنا مرفهون:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
برلمان "الجمعية" !:
محمد حسين بن نخي
التحولات المستحقة!:
عامر ذياب التميمي
مبادرة الشرق الأوسط الكبير·· رفضها الحكام دون علم الشعوب:
المحامي نايف بدر العتيبي
أبو فطيرة والجيوب الفقيرة:
عبدالخالق ملا جمعة
على القوى الديمقراطية والليبرالية أن توحد صفوفها:
موسى داؤود
هنيئا روسياCongratulations Russia
(1-3):
خالد عايد الجنفاوي
هل من سبيل للسلام؟!!:
عبدالله عيسى الموسوي
أحمد البراك:استقلال القضاء مبدأ نفتخر به في قانون إدارة الدولة:
حميد المالكي
مستقبل الاستثمار الإعلامي الخليجي!:
رضي السماك