في عام 1982 وأثناء هجوم الجيش الإسرائيلي على لبنان قتل على أطراف بيروت الجنرال "يكوننيل آدم" نائب رئيس الأركان العامة وكان يوصف بإسرائيل بأنه عبقرية عسكرية ونعتته إذاعة إسرائيل آنذاك بالقول "إن جزءاً من عبقريتنا العسكرية قد تحطم"·
أذكر هذه القصة الموجزة لتكون مدخلا لمقالي حول تهاوي أسطورة الجيش الذي لا يقهر، حيث أكدت الحرب الأخيرة التي شنها هذا الجيش على لبنان وقطاع غزة ومن قبله هزيمته في جنوب لبنان عام 2000 م بأن هذا الجيش لم يعد كما كان وأن أسطورته قد تهاوت·
والمتابع للصحافة الإسرائيلية اليوم، يجد بأنها تشن أعنف حملة لانتقاد أداء الجيش الإسرائيلي خلال الفترة السابقة مما أجبر "عودي آدم" قائد المنطقة الشمالية أثناء حرب لبنان لتقديم استقالاته وانتقاد القيادة العسكرية والسياسية بقوة وتحميلها جزءاً كبيراً من مسؤولية الهزائم العسكرية·
ويقول الكتاب الإسرائيليون "أن الجيش منذ نشأة الدولة كان يعتبر الأكثر قداسة واحتراما كونه الوحيد الذي يضمن بقاء الدولة قوية وآمنة، فإذا بالشعب يجد عكس ذلك خصوصا بعد قيام حزب الله بقصف آلاف الصواريخ في العمق الإسرائيلي بدون أي قدرة للجيش على منع ذلك، واستمرار المقاومين الفلسطينيين بقصف المدن الإسرائيلية بصواريخ بدائية ولكنها تثير الرعب وتحول حياة السكان الى كابوس"·
وتقول صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر يوم 22/9/2006 م "في السابق كانت الجيوش في بلدان مختلفة تتسابق للتعاقد مع أي جنرال إسرائيلي متقاعد من أجل مهمات التدريب والتوجيه والتخطيط لخبراتهم العالية، ولكن اليوم، وصلت الجرأة بأحد مواقع الانترنت الإسرائيلية أن تطلب جنرالات للعمل كمهرجين، باعتبار أنهم تخلوا عن رؤوسهم وتصرفوا في أرض المعركة كلاعبي سيرك لا كمسؤولين عن صناعة الأسطورة"·
هذا هو وضع الجيش الذي لا يقهر، وإذا أضفنا لذلك مئات حالات التمرد ورفض الانخراط بالخدمة العسكرية الإجبارية، لأن الممارسات التي يقوم بها الجنود تجردهم من انسانيتهم كما تقول جمعية تحتضن هؤلاء المجندين، وتعرض مئات الجنود لأمراض نفسية وصدمات عصبية وإعاقة العشرات بصورة دائمة، بالإضافة لارتفاع عدد القتلى في صفوف الجيش فإننا نقف أمام صورة متكاملة لوضع الجيش الإسرائيلي اليوم·
ختاما من المهم الإشارة الرمزية الى أن الجنرال الأسطورة والعقلية العسكرية الفذة الذي قتل على أطراف بيروت قبل 24 عاما هو والد قائد المنطقة الشمالية الذي استقال بعد فشله العسكري الكبير·
abdullah.m@taleea.com |