رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 18 ا كتوبر 2006
العدد 1747

زيارة عمار الحكيم والعلاقة الكويتية العراقية
حامد الحمود

يبدو أن الاستراتيجية الكويتية نحو العراق بدأت تنظر الى أن تشكيل جنوب العراق في السنوات القليلة القادمة على شكل إقليم ضمن  نظام فيدرالي لكل العراق أو على شكل دول شيعية مستقلة أصبح الأكثر احتمالاً لذا كان على الدبلوماسية الكويتية أن تعد نفسها لهذا الحدث العظيم على حدودها الشمالية بأن تبني علاقات مع القياديين المحتملين لهذا الجار الشمالي الجديد، فقد كان استقبال سمو أمير الكويت الشيخ صباح  الأحمد بقصر السيف للسيد عمار الحكيم على نمط الاستقبالات المعدة لأبناء العائلات الحاكمة المرشحين لولاية العهد في بلدانهم، فعمار الحكيم لا يحمل أي صفة رسمية عراقية، عدا كونه الأمين العام لمؤسسة شهيد المحراب للتبليغ الإسلامي، إلا أن خطواته لم تقتصر على اسقتبال سمو الأمير له، وإنما وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الكويتية فقد شكلت لجنة شرف يرأسها محافظ منطقة الفروانية الذي يعتبر بمرتبة وزير، ويبلغ من العمر ما يقارب ثلاثة أضعاف عمر السيد عمار الحكيم لمرافقته الدائمة خلال زيارته للكويت، وتبدو الحفاوة بالسيد الحكيم أكثر وضوحا إذا علمنا أنه يزور الكويت كل عام العديد من الشخصيات والوزراء العراقيين والذين يحظون بدرجة مختلفة من الحفاوة، فلا بد أن يكون هناك قراءة خاصة لمستقبل العراق السياسي لدى متخذي القرار في الكويت تنظر للسيد عمار الحكيم أنه سيكون الشخصية الأكثر تأثيرا ونفوذا في إقليم أو دولة العراق الجنوبي·

وتعتبر زيارة عمار الحكيم امتداداً للزيارات الرمضانية السابقة لرجال الدين الشيعة للكويت رغم أنه لم يحظ الأكبر منه عمراً وخبرة ومنزلة دينية بحظوته لدى الحكومة الكويتية، فقد اعتادت الكويت ومنذ تحريرها عام 1991 على استقبال شخصيات شيعية عراقية خلال شهر رمضان ولعل من أبرز هذه الشخصيات التي تسقبلها الكويت في رمضان من كل عام محمد باقر الحكيم، الذي استشهد مع مئات من الأبرياء في حادث تفجير إرهابي في النجف الأشرف في أغسطس من عام 2003  والذي أحدث غيابه فراغا في القيادة السياسية والدينية الشيعية، فقد كان محمد باقر الحكيم رئيسا للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وأهم من ذلك فقد كان خطيبا يتمتع بشخصية جذابة صقلتها التجربة ورفعها العلم خاصة أنه تربى في كنف والده آية الله عبد المحسن الحكيم، كما في شخصيته من العفوية والقدرة على التعبير عن العواطف الصادقة ما يود أن يتماهى معه الشعراء، ولقد كانت كل زيارات الشهيد محمد باقر الحكيم ما عدا الأخيرة منها والعراق يرزح تحت النظام الصدامي، وقد حاول أخوه السيد عبدالعزيز الحكيم أن يسد الفراغ الذي نشأ بغياب أخيه الأكبر بعد أن تبوأ قيادة المجلس الأعلى واستطاع بحذاقته السياسية أن يلعب دوراً رئيسيا في جمع الأحزاب الشيعية تحت مظلة قائمة الائتلاف التي خاضت الانتخابات العراقية وتمكنت من الحصول على نحو %50 من المقاعد النيابية ويعتبر عبدالعزيز الحكيم الأكثر تمسكا وإصرارا على تقسيم العراق فيدراليا، وتحقيق هذه بتأسيس إقليم شيعي مكون من المحافظات الجنوبية للعراق، فانتخاب برلمان تشكل غالبية أعضائه قائمة الائتلاف وتشكيل حكومة معظم أعضائها من أحزاب شيعية يظل دون تحقيق طموحاته العاطفية الدينية، فالمعروف عن عبد العزيز الحكيم الذي قضى أهم فترة من حياته في إيران إيمانه القوي بمبدأ ولاية الفقيه، هذا ويعتبر السيد عبد العزيز مقلدا لآية الله خامنئي ولا شك أنه يريد للمرجعية الدينية دورا أكبر من دور إرشادي غير ملزم مثلما نص عليه الدستور العراقي الجديد، وقد تحقق طموحاته بأن يكون دور المرجعية الشيعية قانونيا وملزما في دستور إقليم العراق الجنوبي، لذا فإن المستقبل يبدو زاهراً لابنه السيد عمار·

هذا وانتهز السيد عمار الحكيم الأمين العام لمؤسسة شهد المحراب للتبليغ الإسلامي في العراق تواجده لزيارة الديوانيات الكويتية متحدثا في السياسة والدين الى جمهور يزيد معظم عمر أفراده عن عمره فكونه من آل البيت يضعه في منزلة خاصة تتجاوز الخبرات العمرية ولعل من أهم ما صرح به خلال زيارته هو انتقاد لمن يصورون العراق بأنه يعيش حالة ظلامية، لذا ربما علينا مراجعة الحالة العراقية لنستنتج وصفا لهذه الحالة التي يعيشها هذا البلد المنكوب·

فقد قتل ما يزيد عن ثلاثة آلاف مدني عراقي خلال شهر أغسطس الماضي، ويزيد هذا الرقم عن قتلى الأمريكيين منذ بداية الهجوم الأمريكي في مارس 2003 ثم احتلال العراق كما قتل في الشهر نفسه ما لا يقل عن 233 من أفراد قوات الأمن العراقية، وبلغ عدد المشردين بسبب نزوح الأقليات الشيعية من مناطق سنية والأقليات السنية من مناطق شيعية ما يزيد عن 500 ألف نسمة، معظمهم يسكن في خيام في درجة حرارة تصل الى 49 في الظل، أما طاقة التوليد الكهربائية فلم تصل الى المستوى الذي كان قبل سقوط النظام السابق، أي حوالي 5000 ميغاواط إلا في الأشهر الأخيرة، هذا بالرغم من ارتفاع عدد أفراد القوات المسلحة العراقية الى 300 ألف جندي وشرطي وتواجد حوالي 160 الفاً من القوات الأمريكية والبريطانية ودول أخرى فإن الوضع الأمني لم يتحسن، ويبوح كولونيل أمريكي قد عاد لتوه من الخدمة في العراق لمراسل النيويورك تايمز أنه حتى لو بلغ عدد القوات المسلحة العراقية مليون فرد، فلن تستطيع القضاء على التمرد بالقوة، ويعزو توماس دونللي الخبير في الدراسات الاستراتيجية ذلك الى أن هذه القوات تحارب من أجل عراق لم يتكون بعد ويضيف: إن الجيش لا يستطيع الدفاع عن وطن لم تتضح معالم مكوناته بعد ويحذر ضابطان أمريكيان خدما في العراق منتقدين الصيغة الطائفية للجيش الذي يدربه الأمريكان على مدى السنوات الماضية قائلين: "أرى أننا ندرب جيشا ليخوض حربا أهلية وليس للدفاع عن وطن"·

لذا فإنه من الموضوعي أن يوصف العراق بأنه يمر بحالة ظلامية تلمسا لبزوغ نور يضيء عقول وأفئدة العراقيين مدخلا لمحبة في أنفسهم لأهلهم ومواطنيهم، فالعراق لا يصور بحالة ظلامية إنما هو فعلا في حالة ظلامية، ومع إدراكنا أن النظام السابق مسؤول الى حد كبير عن المآسي التي تصيب الشعب العراقي، فإن هذا لا يخلي التيارات السياسية التي تشكل الحالة السياسية حاليا من المسؤولية بما في ذلك التيار الذي يتزعمه السيد عبد العزيز الحكيم والد السيد عمار· ومع تفهم  الوضع الحرج للكويت في تعاملها مع التيارات السياسية في العراق، فإن تعويلها على إرضاء شخصيات سياسية، معينة أو النفخ في حجمها لا يخدم علاقة سوية مع عراق ديمقراطي منفتح، ويرى مراقبون أن هناك فرصة للكويت للانفتاح على العراق والعراقيين من خلال بناء علاقات مع شرائح أوسع من مكونات الشعب العراقي، ولعل الأهم من ذلك المساهمة الجدية في تخفيف آلام العراقيين خاصة في المناطق الجنوبية المحاذية للكويت·

فمنذ سقوط  النظام السابق خصصت الكويت ودول خليجية أخرى مبالغ ضخمة للمساهمة في إعادة اعمار العراق، والجزء الأكبر  لم يصرف بسبب الحالة الأمنية المتردية، هذا مع أنه كان يمكن للكويت أن تبادر للتنسيق مع دول أخرى في مجلس التعاون إما في بناء محطات كهرباء بطاقة صغيرة نسبيا، أو الي تحويل جزء قليل من الطاقة المولدة في الكويت ودول مجلس التعاون الي العراق، فتقديم المساعدات يجب ألا ينتظر أن يستقر العراق إنما يمكن أن يساهم في استقراره، فهناك دلائل على أن الرؤية الكويتية التقليدية للعلاقات مع العراق، مازال يطغى عليها الهاجس الأمني، وعادة ما تحاول من التخفيف من قلقها من تواجد هذا الجار الشمالي بنسج علاقات مع شخصيات سياسية عراقية تعول عليها عند الأزمات، لقد جربت الكويت استمالة شخصيات قبل 2 أغسطس عام 1990 وتنافس الكويتيون على التقرب منها ونفخوا فيها، ويبدو أن المسار يتكرر·

إن من مصلحة الكويت أن يكون العراق مزدهراً حرا ومنفتحا وديمقراطيا وهناك خيارات عديدة أمام الكويت ودول مجلس التعاون للمساهمة في تكوين هذا العراق، لا مجرد انتظار تكوينه·

�����
   
�������   ������ �����
 

الأفكار الجديدة والتقاليد الموروثة:
فهد راشد المطيري
لماذا الانبهار بالنظم الغربية؟:
محمد بو شهري
بين الفعل.. وردة الفعل:
د. فاطمة البريكي
عكّاش..!!:
على محمود خاجه
رجال الأعمال.. وأعمال الرجال:
عبد العزيز خليل المطوع
..وتهاوت أسطورة جيش النخبة:
عبدالله عيسى الموسوي
أكاذيب ووقائع:
موسى أبو عيد
فرعية جمعية المحامين:
المحامي نايف بدر العتيبي
معبر مخيطر بلا مسيطر:
المهندس محمد فهد الظفيري
إعلام ساقط:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
زيارة عمار الحكيم والعلاقة الكويتية العراقية:
حامد الحمود
إذا كان الشعب لا يبالي:
فيصل عبدالله عبدالنبي
المحاكمة...الظالمة:
الدكتور محمد سلمان العبودي
أجنحة ملكية.. في غير مكانها!!:
سعاد المعجل
الأغلبية المعارضة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال