الشاعر أبو القاسم الشابي عندما عبر عن إرادة الشعوب في أبياته المشهورة "إذا الشعب يوما أراد الحياة" كان يتكلم عن نفسية لدى المواطنين تريد التغيير للأفضل ولا تستسلم لواقعها، ولكن عندما ترى الكثير من المواطنين لا يبالون بما يحدث من حولهم من مشاكل وتجاوزات حتى من الوافدين بما يحدث فماذا تتوقع النتائج، البعض يتساءل لماذا لا يكون بلدنا متقدما مثل السويد أو النرويج في التعليم واحترام القانون الانضباط وغيرها ونحن لدينا النفط والثروة المالية وأيضا مستوى الأمية لدينا يكاد يكون صفرا، ولدينا برلمان وديوان محاسبة ومؤسسات مدنية، ولكن تناسى صاحب التساؤل أن يسأل نفسه هل المواطن السويدي والنرويجي عندما يرى خطأ ما في زاوية من زوايا البلد على مستوى المؤسسات أو المسؤولين أو المواطنين أو الوافدين هل يسكت ويقول (أنا مالي شغل) ويذهب للدواوين لكي يتذمر دون عمل شيء يصلح من خلاله الخطأ الذي شاهده، أحد الأصدقاء يقول: كنت في أحد شوارع لندن ورميت منديلا على الأرض فنظر إلي أحد المارة من اللندنيين بعصبية ولم يرفع عينه عني حتى رفعت المنديل من على الأرض ورميته بسلة المهملات وبعدها قال لي: شكرا·
كم مواطنا لدينا يرى تجاوزات من وافدين ومواطنين ومسؤولين ولا يحاول حتى أن ينظر للمخطىء نظرة الغاضب حتى يرتدع، والبعض يتصور أن هذه الأمور لا تفيد وأن كل شيء في البلد سيىء ولا فائدة من الإصلاح، وهذا التصور خاطىء وهو الذي يزيد في المشاكل وفي الفساد، لأن المفسد لا يرى من يردعه بل حتى من ينظر اليه نظرة استنكار، وحكمة الزمن تقول: (من فرعنك يا فرعون، قال لم أر من يردعني) ولذلك نحن مستحيل أن نكون من مصاف الدول المتقدمة والنموذجية حتى لو كان لدينا أقوى اقتصاد مادام المواطن لا يبالي ولا يحاول أن يردع المخطىء والمتجاوز على القانون مهما كان، يجب أن تكون هناك حملة وطنية تشحذ همم المواطنين لتحمل المسؤولية في ذلك بأن يقدموا شكوى على كل مسيء ويتابعوا الشكوى مع الجهات المختصة بالدولة حتى يعاقب المسيء، فكثرة الشكاوى بالطرق القانونية سوف تردع كثيرا من المتجاوزين سواء كانوا من المواطنين أو الوافدين، وأما اللامبالاة والاكتفاء بالتذمر من المشاكل في الديوانيات والمنتديات العامة فلن تغير شيئا ولا يوجد في التاريخ شعب عالج مشاكله بالتذمر دون العمل وتفعيل القانون، والنماذج كثيرة لمواطنين كويتيين شاهدوا تجاوزات في بعض الأماكن العامة أو إحدى مؤسسات الدولة وقدموا شكوى وتابعوها وفعلا عوقب المخطىء واستقامت الأمور ورجعت لنصابها الصحيح، فلو أن كل مواطن يلعب دور المراقب ويصد كل من يريد التجاوز على القانون فإنني أتوقع أن عملية الإصلاح سوف تكون سريعة بشكل أكبر مما هي عليه الآن·
machaki@taleea.com |