رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 11 ربيع الأول 1427هـ - 12 أبريل 2006
العدد 1723

الجامعة العربية ومؤتمرات القمة
د. لطيفة النجار
Latifa64@emirates.net.ae

من المعروف أن الجامعة العربية قد ظهرت إلى الوجود في منتصف الأربعينات في أعقاب الحرب العالمية الثانية والعالم العربي يرزح كله تحت نير الاستعمار الغربي، مما جعل الألسنة تنال بالغمز واللمز فكرة الجامعة العربية نفسها وكيف أن بريطانيا العظمى أرادت من وراء إنشائها وأد الفكرة الحلم التي راودت أذهان العرب جميعاً وأفئدتهم من المحيط إلى الخليج، وجعل حلمهم يقتصر على جامعة تلبي الأحلام وتدغدغ المشاعر ولا تحقق الحد الأدنى من طموحات الأمة إلى وحدة عربية عتيدة تجمع ولا تفرق، تصون ولا تبدد، تحمي ولا تهدد ، والعرب يرون بأم أعينهم أن لا حياة إلا للتجمعات الكبرى، فالدول العظمى لا تعيش إلا بالوحدة وتكامل المصالح، والعالم العربي قادر بثرواته الطائلة المتنوعة وبعقول أبنائه وسواعدهم أن يجترح المعجزات فالمياه والأراضي الخصبة والمعادن النادرة وثروة البترول الاستراتيجية قادرة على أن تحقق التكامل والبعد الديموغرافي قادر أيضاً على أن يقدم سوقاً استهلاكية واسعة لمنتجات هذا الوطن·

صحيح أن الجامعة العربية ليست في مستوى الحلم ولا مستوى الطموح ولكنها باتت الآن مطلباً مهماً بعد أن ضاقت الطموحات واتسعت رقعة الخلافات والتناقضات داخل الأمة الواحدة وتجاوز الإخوة الخطوط الحمراء، وبات الدم العربي مباحاً متاحاً، فلا يستنكف الإخوة من إراقة دماء إخوتهم وبني جلدتهم بل وبني وطنهم ، واختلط الحابل بالنابل، وصار مرأى القتل والسحل والذبح والحرق وسفك الدماء منظراً مألوفاً، ليس بأيدي الأعداء المفترضين الذين قرأنا عنهم ورأينا ما جنت أيديهم، وإنما بأيدي الذين تغنوا معاً بالوطنية والعروبة ،وهتفوا جميعاً للوحدة العربية المقدسة وصرخوا جميعاً في وجه أعداء الأمة جميعاً: أمجاد يا عرب أمجاد··

وبدت الحلقة الجديدة من انحسار الحلم تتمثل في الهجمة الشرسة على الجامعة العربية دوراً وفكرة ورمزاً؛ وسرعان ما بدأت تشيع في الأجواء مصطلحات جديدة تحاول ملء فراغ المصطلح الذي أصبح غير مرغوب فيه من مثل الشرق الأوسط لتنضم إلى القافلة بلدان جديدة في مقدمتها إسرائيل، ولتضيع الملامح الحقيقية لما تمثله فكرة الجامعة من الناحية الرمزية في الأقل، وبات المتخوفون على مصير الوطن والأمة يتخوفون مما قد يحيق بهذه المؤسسة الرمز من أخطار محدقة وباتوا يرتابون في كل دعوة حتى لو كانت مخلصة صادقة تمس هذه المؤسسة القومية من قريب أو بعيد، وراحوا يرون في الحفاظ عليها وسيلة وما يشبه الغاية، فقد تعودت هذه الأمة على أن سقوط الشعار مقدمة لسقوط المبادئ ،وكما قال نصر بن سيار محذراً بني أمية:

 أرى خلل الرماد وميض نارٍ

فيوشك أن يكون له ضرام

وإن النار بالعودين تذكى

 وإن الحرب أولّها الكلام

وإذا كنا لا نعوّل كثيراً على مؤتمرات القمة التي تعقدها الجامعة العربية لما لا يخفى على أحد من استلاب القرارات والمواقف لتعقيدات كثيرة تمليها المصالح المتناقضة، والإملاءات المختلفة وضياع القرار العربي وسط القوى الدولية والمصالح والاستراتيجيات المختلفة فإن عقد القمة في ذاته لهو موقف إيجابي يسجل امتلاك الأمة للحد الأدنى من إرادتها في أن تجتمع وتتحدث بصوت عال أو خفيض،وأن تناقش قضاياها المزمنة والساخنة، وأن تسمح لنفسها بالتفكير ولو كان ليس دائماً باليد حيلة، وأن تقدم أقل ما تستطيعه وهذا بلا شك أفضل من أن تطوي جناحيها على نفسها وتتنكر لداعي الأخوة وواجب العطاء·

ويخطئ من يظن أن مهمة الجامعة العربية تقتصر على الجوانب السياسية، وهي بلا شك من المهمات الأساسية التي تقع على عاتق الجامعة، فثمة قضايا أساسية ثقافية واجتماعية واقتصادية وإعلامية لا تقل خطراً عن الأمور السياسية· صحيح أن الأمة العربية تنتظر من القمة أن تفعل شيئاً حقيقياً وملموساً في قضايا عاجلة لجروح تنزف في كل حين كما يحدث في العراق وفي فلسطين وكما قد يحدث في بقاع أخرى قد تكون مرشحة لأزمات أو قلاقل، ولكن هناك قضايا كثيرة يجب أن يتزامن النظر فيها مع أية مسألة طارئة عاجلة؛ وقد يقول قائل إن هناك مؤسسات كثيرة تابعة للجامعة تتناول الثقافة والتربية والعلوم والاجتماع والاقتصاد والتجارة والزراعة والصحة وغيرها، ولكن وجود مؤسسات شيء وتفعيلها شيء آخر·

نريد خطوات أوسع في سبيل دراسة واقع المجتمع العربي وبنياته واتجاهاته وبيان العوامل الفاعلة في تشكيل هويته وانتمائه، والاتجاه به اتجاهاً عقلانياً وتشجيع الحفاظ على الأمن الاجتماعي بين سائر مكوناته والسماح لهذه المكونات بالتعايش السليم دون ضغط أو إكراه في سياق الحرية والعدالة والديموقراطية ومبدأ تكافؤ الفرص، فالعالم العربي من أكثر الأماكن في العالم التي يفتقر إلى مراكز دراسات وأبحاث تساعد صناع القرار إذا افترضنا جدلاً أن صناع القرار في حاجة إلى دراسات تعينهم في اتخاذ بعض القرارات التي قد تبدو أحياناً عشوائية· هذه الدراسات التي تبدو في كثير من البلاد المتقدمة أقرب إلى جرس إنذار يحذرها من بعض الأخطار في الوقت المناسب وقبل فوات الأوان·

ولو أخذنا جانباً واحداً من الجوانب التي يجب أن تعنى بها مؤسسات الجامعة وهو الثقافة والإعلام واخترنا منه الترجمة مثلاً ورصدنا الفقر الشديد فيما يترجم إلى لغتنا العربية من علوم ومعارف من شتى اللغات والثقافات لألفينا كم في هذا الأمر من فقر وهزال، فنحن لا نعرف إلا القليل عمن يعيشون بيننا وحولنا من أمم وشعوب، وما يترجم إلينا وهو قليل قليل ، صادر عن لغة العولمة الواحدة الوحيدة في الأغلب، ومع ذلك فإن ما يترجم منها لا يشكل دلالة إحصائية تبشر بمستقبل مأمول· ومن الواضح أن المؤشرات تدل على أن العمل العربي المشترك مثلما هو الحال في الدولة القطرية لا يلقي بالاً في الأغلب للصناعة الثقافية ويهتم بالعرض والمظهر لا بالجوهر مما يجعل وقفة المراجعة الصادقة أساسية أمام من يريدون النهوض بدور الجامعة ومراجعة وظيفتها واستخلاص النتائج من رماد السنين·

جامعة الإمارات

latifa64@emirates.net.ae

�����
   
�������   ������ �����
القراءة للأطفال ..خطوة نحو تثقيفهم
حين يميل الميزان
منذورون للموت
الترجمة.. سلاح القوة المفقود
نشد على يديْ هذا الرجل
إشكالية الثقافة
لبنات المجتمع الكبير
اللغة العربية في جامعاتنا العربية
الانتزاع من الوطن
مفهوم التحضر.. تساؤلات ومواقف
كوب لبن أم كوب ماء؟
فراشة مبتسمة تطير من شدة الفرح
هوية في مهب الريح
عن الرياضة والثقافة
العمى والبصيرة
مَنْ لأبنائنا؟
ثوابت ومتغيّرات
الطب.. وأخلاقيات المهنة
تحولات المكان
  Next Page

ألم البوح والكتابة عن الاحتلال(2-2):
سليمان صالح الفهد
مبارك لم يكن موفقاً البتة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
ورحل حسام الكلمة!!:
سعاد المعجل
ألف لا.. يا رئيس مبارك..
وما كان الظن بكم هكذا:
المحامي عبد الكريم جاسم بن حيدر
حوار من بعيد(4):
فهد راشد المطيري
حقوق الإنسان.. من الحلم إلى الوهم:
علي عبيد
حماية الشخصيات "ليست" بإرهاب الناس:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
وطن الظلام:
محمد بو شهري
منقبات وفرعيات:
المحامي نايف بدر العتيبي
هكذا يفكر الصهاينة:
عبدالله عيسى الموسوي
أوضاع الفلسطينيين وجماعات حقوق الإنسان الدولية:
د. نسرين مراد
الشتائم وتطور البرلمان:
فيصل عبدالله عبدالنبي
ماذا قال المقرر وماذا يقصد؟!!:
د. عبدالواحد محمد الخلفان
نداء لسمو رئيس مجلس الوزراء:
محمد ناصر المشعل
الجامعة العربية ومؤتمرات القمة :
د. لطيفة النجار