رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 9 - 15 يونيو 2001 - 17- 23 ربيع الأول 1422هـ
العدد 1480

بلا حــــدود
تجفيف الأهوار
سعاد المعجل
suad.m@taleea.com

نذكر جميعاً تلك التحذيرات البيئية التي تصاعدت حدتها في أعقاب اندحار الجيش الصدامي في العام 1991· يومها كانت آبار النفط كتلاً مشتعلة من النار تنفث سموماً وغازات، وكانت طبقات التربة في الخليج كالمسطحات الإسفنجية الضخمة التي امتصت ما امتصت من مواد كيمياوية وقاتلة!! يومها قدر أهل البيئة ومختصوها بأن آثار تلك الكوارث البيئية ستكون واضحة وملموسة على أهل المنطقة خلال مدة تتفاوت بين العشر والخمس عشرة سنة!! وبالفعل فقد كانوا دقيقين إلى حد كبير في تقديراتهم تلك لأن العشرة أعوام الملوثة أفرزت واقعاً صحياً حرجاً ساد منطقة الخليج فانتشرت أمراض كانت فيما قبل نادرة أو محدودة الانتشار وأصبح السرطان شائعاً بصورة ازدحمت معها مراكز علاج الأورام وتضاعف عدد مرضى المفاصل والغدد والأمراض الجلدية، كما أصبحت أمراض (كالتصلب المتعدد) MS أمراضاً شائعة بعد أن كانت نادرة فيما قبل الحروب في منطقة الخليج سواء كانت الأولى بين العراق وايران أو الثانية بين العراق والمجتمع الدولي!! وعلى الرغم من أن المسؤولين في دول الخليج يُصرون على إنكار ورفض تلك الشواهد، إلا أن ذلك الرفض لم يؤد إلى طمأنة المواطن ولا إلى إقناعه بعكس ذلك!!

لقد أصبح الوضع البيئي وما ترتب عليه من تدهور في صحة المواطن وضعاً حرجاً يتطلب مضاعفة التحرك والنشاط في مجال الدفاع عن البيئة وحمايتها، تحرك على المستوى الشعبي وليس الرسمي وحسب· خصوصاً وان قضية التلوث البيئي في الخليج أصبحت قضية دولية دخلت فيها أطراف وجهات عالمية بعد أن أصبح التلوث البيئي في الخليج هاجساً وخطراً يمس البيئة بشكل عام وليس بوجهها الخليجي وحسب، وبما أن هيئات حماية البيئة وأصدقاءها هم عادة من خارج الجسم السياسي في دول كثيرة في عالمنا اليوم، فلقد أصبح علينا كدول خليجية أن ننمي الوعي البيئي الشعبي وأن ندفعه للمساهمة بصورة فعالة في الدفاع عن بيئته وردع العابثين بها مثل صدام حسين وغيره!!

ولقد عبر المجتمع الدولي أخيراً عن قلقه من حجم التدهور الذي طال البيئة الخليجية نتيجة لتجفيف منطقة الأهوار في جنوب العراق· حيث تحدث المدير العام لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة حول اختفاء تسعين في المئة من المسطحات المائية في منطقة الأهوار ما يشكل كارثة بيئية تضرب هذه المنطقة التاريخية من "الهلال الخصيب"، ما يهدد الحياة المائية والحيوانية بصورة خطرة لا تقل خطورة عن تجفيف بحر "الأرال" وانقراض مساحات واسعة من الغابات في منطقة الأمازون!!

يعتبر تجفيف "الأهوار" من أبشع جرائم "صدام حسين" التي ستلقي بأبعادها وأضرارها على الإنسان والبيئة والأعوام طويلة قادمة·

فلقد تعمد حاكم بغداد تجفيف هذه المنطقة الحيوية بعد انتفاضة سكانها في العام 1991 وقبل ذلك أثناء حربه مع إيران وذلك بهدف قطع عرب الأهوار عن وسائل عيشهم وتحسين الطرق العسكرية للوصول إلى هذه المنطقة الحيوية!! وقد أدى ذلك إلى تدهور في جودة المياه التي تصب في شمال الخليج العربي· وارتفاع نسبة الملوثات في رواسب القاع وازدياد معدل الترسيب للملوثات البترولية وغير البترولية!!

لقد خطت الكويت خطوة جيدة حين طالب نائب المدير العام للهيئة العامة للبيئة بتدخل الأمم المتحدة للحد من تفاقم تلك الكارثة!! حيث أشار إلى انعكاساتها المباشرة على الكويت، مؤكداً على أن النتائج الأولية لعمليات الرصد الدوري التي تقوم بها الهيئة لعامة للبيئة تؤكد بأن عملية تجفيف الأهوار قد أثرت سلباً على البيئة في الكويت وتمس تداعياتها حاضر ومستقبل البيئة الايكولوجية لشمال الخليج العربي في شكل عام!!

إن الملوثات والمخاطر البيئية لا تعترف بالحدود السياسية أو الجغرافية· ومن هنا فقد كان الهم البيئي هماً مشتركاً مجرداً من الأغراض السياسية المعتادة!! لذا فقد ناشد برنامج الأمم المتحدة دولاً كثيرة كسورية والعراق وتركيا للمساهمة في خطة إنقاذ لتغيير هذا الاتجاه السلبي قبل فوات الأوان!!

لقد عبرت الأمم المتحدة عن خشيتها من أن ثقافة عمرها خمسة آلاف عام وهي ميراث السومريين والبابليين القدامى معرضة لخطر جدي بسبب تجفيف الأهوار الذي أدى إلى زحف السكان ونزوحهم·

ونحن نأمل أن يرقى وعينا البيئي ليمتد بنا إلى خارج حدودنا الجغرافية والسياسية، وأن تصبح كارثة تجفيف الأهوار هماً وهاجساً نسعى جميعاً متضامنين للخروج منه بتكلفة بيئية وثقافية أقل!!

�����
   

إفشال مناقشة السياسة الخارجية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
زي الطالبات المحتشم:
محمد مساعد الصالح
مجتمع في خطر!:
د.مصطفى عباس معرفي
ديناصور الكنانة:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الخير والعطاء بين جيلين:
يحيى الربيعان
مقاومة التطبيع!:
عامر ذياب التميمي
تجفيف الأهوار:
سعاد المعجل
رحيل الفيصل:
أنور الرشيد
المظلي الجزائري الهارب:
محمد العساكر
تسييس التعليم:
كامل عبدالحميد الفرس
القضية الفلسطينية من منظور القانون الدولي:
عبدالله عيسى الموسوي
رشاقة المقال عند أبي طلال:
حميد المالكي