لقد كان لقائي مع المناضل فيصل الحسيني في التاسع عشر من أكتوبر 99 لقاءً تاريخياً بالنسبة لي وذلك لما كان يمثله ذلك الرجل من مكانة تاريخية، وعلى ذلك فقد انتهزت تلك الفرصة التاريخية لأتحدث مع أحد أكثر الشخصيات الفلسطينية شفافية وبُعد نظر وإصرار على الصراع مع الصهاينة على اعتبار أنه يتصارع مع تاريخ، فما كان مني في تلك اللحظات إلا أن أشرح له معاناتنا مع النظام العراقي، وكيف أنه أخذ يبطش بأبناء الكويت وأهلها عندما استباح أرضها، وشرحت له أيضاً معاناتنا مع قضية إنسانية وهي قضية الأسرى الذين يحتجزهم ذلك النظام الفاسد، وذكرت له عبارة كانت شديدة الوقع على نفسه -رحمه الله- حينما ذكرت أن "إذا كان النظام العراقي يعتقد بأن احتجاز أبنائنا لديه يهدف منه أن يوقعنا بخلاف مع حكومتنا فهذا لن يحدث اطلاقاً لأننا ندرك ونفهم معنى أنه يطلق سراح بعض أبناء الأسرة والعسكريين ويحتفظ بمن هم من أبناء الشعب ومن عامته"، أخذ الراحل فيصل الحسيني على عاتقه وعلى ما يحمله من قضايا بلده قضية الأسرى الذي سعى في سبيل حلها منذ ذلك التاريخ واتفقنا على أن تكون تلك التحركات تغلفها السرية التامة لكي يستطيع أن يحصل على أي خيط يمكن أن يرشده إلى تلك المأساة الإنسانية، وكان رحمه الله حريصاً جداً على زيارة اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين ليس من منطلق سياسي ولكن من منطلق إنساني بحت وبعيد عن أي ارهاصات سياسية وفي خضم هذه اللجة السياسية وزوبعاتها اختاره القدر ليكون بجوار ربه في جنات الخلد إن شاء الله يا أبا العبد، وها نحن نفقد رجلاً من أخلص الناس وأشرفها وأكثرها نزاهة، لا يفوتني أن أذكر لأحمد السعدون وصالح الفضالة، بأن الوفد المرافق للمرحوم فيصل الحسيني قد تعهد لنا بأن يتابعوا مسيرته لإطلاق أسرانا من السجون العراقية ونرجوهم أن يبتعدوا قليلاً عن الغوغائية وقصر النظر وهنا لا يسعنا إلا أن نقدم خالص العزاء لعائلة الحسيني المناضلة بفقدانهم ذلك البطل، رحمك الله يا أبا العبد وأسكنك فسيح جناته· |