رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 9 - 15 يونيو 2001 - 17- 23 ربيع الأول 1422هـ
العدد 1480

المظلي الجزائري الهارب
محمد العساكر

تناولت وسائل الإعلام وبشكل مثير للجدل قصة الكتاب الصادر في باريس باللغة الفرنسية أخيراً والمنسوب لأحد ضباط الصف الجزائريين حبيب سويدية مما دفعني الفضول لاقتناء الكتاب وقراءته·

اللافت للنظر أن مقدمة الكتاب، وهي أهم ما جاء فيه وتحمل في طياتها رسالة إلى العالم وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لمقاطعة الجزائر اقتصادياً وفي أحسن الحالات ربط المساعدات الاقتصادية بشروط مهينة أقل ما فيها يعتبر انتهاكاً صارخاً للسيادة الوطنية·

كاتب هذه المقدمة التي أشرنا إليها أحد القضاة الايطاليين الذي ذاع صيته في الثمانينات عندما كان يحقق في جرائم الارهاب في ايطاليا مثل مقتل رئيس الوزراء الراحل ألدو مورو وغيرها من القضايا المماثلة التي هزت ايطاليا في السبعينات وأوائل الثمانينات·

هذا القاضي اليوم يبحث عن ما يسمى بقضايا الضمير على غرار المحامي الفرنسي جاك فرجاس محامي الدفاع الحالي عن كارلوس، أوجه الشبه بين الاثنين تبني قضايا للشهرة والكسب المالي، فمقدمة الكتاب دعوة صريحة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، أما السؤال عن الرابط بين أحد القضاة المعروفين في أوروبا وضابط صف مغمور في الجزائر ودار نشر طبعت إلى الآن كتابين ضد الجزائر فهذا نتركه للاخوة المسؤولين في الجزائر للجواب عنه·

ولكن ماذا عن رواية الضابط، فبصراحة تستطيع القول بأن ما كتب هو عبارة عن محاولة لتأثيم المؤسسة العسكرية الجزائرية، وخصوصاً رئيس أركانها ومدير مخابراتها ومساعديه· وتبسيط الأزمة الجزائرية المعقدة وحصرها بالصراع بين ما يسمى بالإسلاميين وفرق مكافحة الارهاب، وهذا طبعاً اهانة كبيرة لذكاء القارئ المطلع وتضليل لمن لا يعرف الحقيقة الجزائرية·

لا شك أن أي حرب أهلية تقع فيها تجاوزات بشعة وانزلاقات من جميع الفرقاء ولكن هذا لا يبرر مثلاً تحميل جانب واحد كل المسؤولية وإلا وقعنا في التحليل الذاتي كما فعل من كان وراء فكرة الكتاب·

وانه ربما من الانصاف أن نشير إلى تزامن طباعة مثل هذه الكتب والحملة الشرسة التي يقودها بعض أطراف في فرنسا ضد النظام في الجزائر وآخرها محاولة منع اللواء المتقاعد خالد نزارü من مغادرة فرنسا في محاولة لتقديمه للمحاكمة بصفته السابقة كوزير للدفاع في بداية الأزمة·

صحيح أن الجزائر تعاني من أزمات وأهمها الأزمة السياسية وهي محور الصراع ولم يخف الرئيس بوتفليقة أن إلغاء الانتخابات كان عنفاً تمخض عنه عنف مضاد، وصحيح أيضاً أن هناك صراع مصالح تتجاذبه قوى محلية ودولية أبرزها الصراع الأمريكي- الفرنسي على منطقة شمال أفريقيا، وبالخصوص الجزائر· والجدير بالذكر أن هناك اشارة في الكتاب أو في الواقع تثير تساؤلاً عن عدم تعرض المصالح أو الأشخاص التابعين للولايات المتحدة في وقت لم يسلم مواطنو دول أخرى مثل فرنسا وغيرها·

صفحات الكتاب تحمل في طياتها أخطاء فادحة منها تاريخية إسلامية فمثلاً يرى من هو الكاتب بأن القتل والتنكيل والتمثيل بالضحايا هو سمة من سمات المذهب الشيعي ويخلط بين ايران من جهة وافغانستان·

كما يقول أن الحجاج بن يوسف حارب الإمام علي (عليه السلام) وأباد عائلته وهو غير صحيح حيث إن الحجاج عاش في عصر عبدالملك بن مروان، وأقل ما يمكن وصفه بجهل وضحالة فكر من أوعز بكتابة الكتاب·

هناك أخطاء عسكرية مفضوحة فمثلاً يصف معركة بين قوات الجيش كان يشارك فيها وبعض الارهابيين فيقول إن الإرهابي كان يصوب بندقية صيد مقسومة الصبطانة وعادة ما يلجأ ما يسمى بالإرهاب الفقيرü لاستعمال مثل هذه الطرق لتشويه الضحايا حيث إن كمية المقذوف تنتشر في دائرة كبيرة وتمزق الضحية ولكن هذه الطريقة تستعمل فقط عن مسافة قريبة جداً لأن المقذوف غير بعيد المدى، لكن الضابط يدعي أن الإرهابي كان يصوب من مسافة 04 متراً بتلك البندقية وكان يشكل خطراً عليهم اضطرهم القضاء عليه بصلية من رشاش·

في جزء آخر في الكتاب يقول إن الفريق محمد العماري رئيس الأركان كان يتلذذ برؤية رؤوس الإرهابيين فوق مكتبه ويقول المؤلف إنه لم ير بنفسه تلك الواقعة ولكنه روي له ذلك، وكم من رواية مماثلة يسردها على سبيل المثال ولكن من دون أن يثبت ذلك بأدلة دامغة·

خلص المؤلف في آخر الكتاب بأن الأزمة الجزائرية ليست الإسلام ولكن الظلم، ونحن نقول إن الأزمة الجزائرية هي أزمة سياسية واقتصادية نتيجة لتراكمات سياسات خاطئة أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم· وعلى الجزائريين وحدهم حل هذه الأزمة التي أودت بحياة المواطنين الجزائريين وأغلبهم من جيل الشباب الذي لا يعرف عن ثورة الجزائر غير اسمها·

أفلم يحين وضع حد لهذا النزيف الدموي وتنهض الجزائر من هذا الكابوس المرعب؟

 

ü اللواء خالد نزار كان وراء تنحية الشاذلي بن جديد وإلغاء المسار الانتخابي بعد فوز جبهة الانقاذ بالجولة الأولى من الانتخابات·

ü الإرهاب الفقير مصطلح لنعت حركات التمرد الشعبية أو العصابات غير المنظمة·

�����
   
�������   ������ �����
 

إفشال مناقشة السياسة الخارجية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
زي الطالبات المحتشم:
محمد مساعد الصالح
مجتمع في خطر!:
د.مصطفى عباس معرفي
ديناصور الكنانة:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الخير والعطاء بين جيلين:
يحيى الربيعان
مقاومة التطبيع!:
عامر ذياب التميمي
تجفيف الأهوار:
سعاد المعجل
رحيل الفيصل:
أنور الرشيد
المظلي الجزائري الهارب:
محمد العساكر
تسييس التعليم:
كامل عبدالحميد الفرس
القضية الفلسطينية من منظور القانون الدولي:
عبدالله عيسى الموسوي
رشاقة المقال عند أبي طلال:
حميد المالكي