اقتحمت قاموس حياتنا اليومية الاجتماعية والسياسية عبارات ومصطلحات لم تكن موجودة منذ ثلاثة عقود ونيف "لا تسألني عن مقدار النيف هذا!"·
فحيثما حللت في الديوانية والنادي وغيرهما: صرت تسمع- همسا وجهاراً- اللسان الشعبي الساخر ينعت نظام الـ B.O.T الاستثماري بوصمة "بوق ولا تخاف" وقد شاعت الوصمة وانتشرت رغم أنها تنطوي على تعميم ظالم لظني بأن الوصمة لا تنسحب على جميع مشاريع الـ B.O.T·
إلا أن اللسان الشعبي الساخر المدجج بالنقد اللاذع والسخرية المرة، والنكتة السوداء يميل- عادة- الى صياغة رأيه بالاتكاء على الأخبار المتداولة المرسلة التي يختلط فيها الحق بالباطل! ومرد ذلك- في اعتقادي، الى غياب المعلومات الصحيحة وملاحظات ديوان المحاسبة التي طالت بعض المشاريع الاستثمارية: زد على ذلك إحساس المواطنين كافة بأن سراق المال العام بمنأى عن المحاسبة والمحاكمة والعقاب! وكأن المال العام "سبيل" مشاع يكرع منها كل من سولت له نفسه الأمارة بالحرمنة! وحتى لا نتهم بالمبالغة المفرطة: أحسب أن المال العام في سبيله الى أن يكون "سبيلا" ينهل منه الحرامية من دون خشية ولا توجس وقلق البتة! والحق أن العبد لله بات يشك في دعاوى إسقاط القروض والديون لظنه بأنها تنطوي على شبهة رشوة المواطنين علهم يكفوا عن الحش والنميمة في الممارسات الخطيئة·· التي تستهدف الفساد الحادث في البلاد ولو شاءت الحكومة الرشيدة العدالة والانصاف لجعلت مشروع الـ "B.O.T" في متناول المواطنين كافة·
بحيث يكون هناك "B.O.T" لكل مواطن·· حتى لو كان هذا المواطن لا يملك "شروى" أرض أميرية بثمن بخس دنانير معدودة حسب المواطن المستور: رصيده السخي في "البنك المركزي للدم"! والخشبية أن تكون هناك قسمة ضيزي تقضي بوجود حرامية المال العام من جهة وبحضور فئة من المواطنين الغيورين يتصدون لفضح سوءتهم، وكأنهم يتمتعون "بحق" سرقة المال العام·· بينما يتمتع النواب والإعلاميون والناشطون والمواطنون بحق الاعتراض والتنديد فقط لا غير! ذلك أن الديرة صراحة تعيش وتكابد جدلية النهب العام والاعتراض عليه شفاهة وتحريرا مثلما أفعل الآن·
ومن يدري فقد نقرأ في "روزنامة" وتقويم "العجيري" مستقبلاً تأريخاً يرصد المناخ السياسي وما يجري فيه من ممارسة فساد وإفساد! كأن يتضمن التقويم إشارة الى "موسم" الحرائق المتزامن - بصدفة لا تحدث سوى بالأفلام الهندية الميلودرامية مع موسم الجرد السنوي! أو مما لا شك فيه أن هناك ارتباطاً شرطياً بلغة عالم النفس الروسي بافلوف وبين الجرد السنوي والحريق السنوي هو الآخر المتزامن معه! ويمكن لقارئ "تقويم العجيري" أن يعلم بموسم التأزيم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية· وقد تكون هناك حاجة ماسة قبل أي تشكيل وزاري، خضوع الوزراء المرشحين الى كشف وفحص ومن ثم الحصول على شهادة صحية بخلوه من "فيروسات" التأزيم و"جينات" الحرمنة· |