كثيرا ما يثار هذا السؤال من قبل البعض حول حقيقة استمرار وجودنا كدولة وهل نحن دولة لديها كل مقومات الدول الحديثة·· من الواضح بجلاء وللوهلة الأولى وإذا نظرنا الى هذا الأمر من منظور شكلي سنجد الإجابة بنعم لدينا كل المقومات من علم ودستور وحدود ومجلس أمة وحكومة لكن·· وآه من لكن لدينا كم هائل من الفساد الإداري والمالي وقبلهما السياسي لدرجة تجعلك بأن تعيش وسط غابة من المتناقضات، الأمر الذي يشعرك بأن المستقبل غامض ومجهول مجهول مجهول··
هنا ولربما يتساءل سائل ما سبب هذا التشاؤم؟ ولماذا هذه القسوة·· فأقول وبكل أسف بأننا لا حكومة ولا مجلس أمة قادرون على حل كل تلك المشاكل العالقة وهم غارقون في واد سحيق من الغشمة والجهالة، بل أصر وبكل صراحة أن العيب كل العيب منا نحن المواطنين الذين انتخبنا هؤلاء الأعضاء الجهلاء·· مرة أخرى ما سبب هذا الكلام·· فأقول باختصار وبإيجاز شديد: إن لدينا من الأعضاء ممن من الممكن أن يبيع البلد بحفنة من الدنانير، وإن لدينا من الأعضاء من يمشي بأوامر ونواهي سفهاء القوم، وإن لدينا من الأعضاء ممن يريد ثقب السفينة وغرقها، وإن لدينا من الأعضاء ممن لا يريد لهذا البلد أن يستمر طويلا، وفي تقديري أن من يريد إسقاط القروض من الأعضاء ويوافق عليها يصح أن يكون في خانة هؤلاء الأعضاء··
والله وبالله يا إخوة أنا أول المستفيدين من إسقاط القروض، لكن المهم ليس أنا وأنت وهو وهي عزيزي القارىء، بل المهم هو الدولة وجودا وعدما·· مع الأسف الشديد يا إخوة أن هناك جيلا كاملا قد تربى ونما وترعرع على قناعة بأن الخير "وايد" والدنيا بخير والله لا يغير علينا·· لدرجة أصبح فيها هؤلاء على درجة من الاستهتار بقوانين وأنظمة الدولة·· ولماذا لا ؟!·· وهناك من الأعضاء ممن ينجح على أكتاف هؤلاء بدغدغة مشاعرهم وأحاسيسهم·· إذا العيب فينا وبسوء اختياراتنا فلقد قيل "كما تكونوا يولى عليكم"·· لذلك أستطيع أن أقول إن الحكومة أحيانا معذورة فيما تفعل فهي حالها كحال أي حكومة في دول العالم الثالث·· لكن أعضاء الشعب المنتخبين هم المسؤولون عن تردي الحال·· لذلك على البعض من الأعضاء الشرفاء الوقوف ضد هذا التوجه لدرجة استجواب رئيس الحكومة إذا وافق أو رضخ لابتزاز هؤلاء·· فإما أن نكون دولة بحق وحقيقة وإلا فلا··
* * *
أستطيع أن أسمي انتخابات جمعية المحامين القادمة بأنها معركة بين قوى الفساد وقوى الإصلاح وهذه مسؤولية السادة الزملاء الشرفاء·· فبما أن موجة الإصلاح قادمة وبقوة فيجب أن تقتلع معها كل المجالس المتآمرة على الدستور والديمقراطية فالتغيير سنة من سنن الحياة·· لذلك يجب وأجد لازما علينا كمحامين أن نعيد لجمعية المحامين دورها الرائد وعطاءها الوافر وصورتها المشرقة في الذود عن دستور البلاد وحماية المكتسبات الوطنية· |