"لا خير بأمة لا تأكل مما لا تزرع، ولا تلبس مما لا تصنع"
- جبران خليل جبران
في عالمنا الحاضر هذا، وكل تلك الأحداث الدامية المحيطة بنا، والقريبة منا أو حتى تلك البعيدة عنا، يقف الإنسان وحده مذهولاً من غول الكوارث الطبيعية منها (أنفلونزا الطيور، زلازل وأعاصير متفرقة من البسيطة، نقص موارد الطاقة الطبيعية، التصحر وظاهرة الاحتباس الحراري بالجو ··· وغيرها الكثير ···) أو تلك الأشد ألما ومن صنيعة البشر (عبث رسم السياسات الخارجية لدى الدول الكبرى وانعكاساتها المؤلمة في الكثير من الأحيان، ويلات الإرهاب وإفرازاته النتنة، التسابق السمج في التسلح النووي، ناهيك عن الحروب الأهلية المشتعلة هنا أو هناك···)· كل هذا وغيره الكثير لا يسع المجال بطرحه بهذه العجالة، لابد من أن تشكل لنا وقفة تأمل منها، ولا بد من صياغة موقف خاص لنا نستطيع به أن نتبصر حالنا من خلال إسقاطاتها المادية كانت أم تلك المعنوية منها، أم ترانا لعمري عنها باعدين، فمازلنا خلف جبروت المظاهر الخادعة لاهثين، بل هائمون حتى النخاع وبنار أعبائها متلذذون، فهل يتعقل المتعقلون ويدرك ما عساهم يدركون؟
نستهلك مايغنينا وما لا يغنينا من قيم الاستهلاك المادي البشع وبصورة مؤلمة لا رحمة ولا شفقة بأنفسنا، وما أكثرها من صور بائسة من الطغيان المادي وبريقها الزائف حاضرة بيننا، تستنزف مداخيل البسطاء من العامة المستضعفين من جيوش موظفينا ذوي المداخيل المهمشة أو المهشمة، لا فرق، ولانعبأ، بل نزداد لهثا وراء جمال حسن ذلك الاستهلاك المادي البعثي بماهيته المؤلمة، غير مكترثين بما سيحمله القادم الغامض من مستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة من بعدنا، فلا خير مرجواً منا إن لم نشمر عن سواعدنا ونبني بأنفسنا ما سيقينا عبث الغامض من الأيام، فلنصلح وبجدية ما أمكن من نظامنا التعليمي المتهاوي عن بكرة أبيه، والمنبطح بكل انبطاح لتنين فكر عكرمة وما خلفه من مصائب لا تعد ولا تحصى حين أراد الانفراد حراً طليقاً بالساحة، يرعب الناشئة بعذاب القبر حتى يشل تفكيرهم وإبداعاتهم فيتفرج هو ومن أتى به على إفرازات ونتائج أدبياتهم، وكيف لا؟ فمن دون تعليم جاد موضوعي، لا يلتفت لفكر هنا أو رؤية تيار سياسي هناك، هنا فقط تتحرر المجتمعات الواعية من تبعات الأوصياء وتحذو عندها الى الأمام وبيسر، حتى تتمكن من أن تنشد الكمال، لأنه بالتعليم الجاد المجرد فقط نحقق ما يمكننا تحقيقه إن أردنا ذلك·
ونردد مقولة "أبو الوجودية"، جان بول سارتر بمسرحيته الرائعة، الأيادي القذرة، حين يحدد دور الإنسان وصيرورته عندما يذكر: "إنه الإنسان وحده صانع سعادته ومدمرها بذاته إن أراد"·
فهل نتعظ؟ والسؤال الأهم·· متى ياترى؟ |