· الحميدي لـ "الرأي العام": مدينتان للعزاب في الشمال والجنوب هذا هو مانشيت الخبر الذي صرح به وزير الأشغال ووزير الدولة لشؤون الإسكان لصحيفة الرأي العام في عددها الصادر يوم 16 فبراير، ويشير الخبر الى أن الوزارة بصدد بناء مدينتين خاصتين لسكن العزاب تستوعبان 30 ألف ساكن، ومن ثم تقضيان على ظاهرة وجود العزاب في مناطق السكن الخاص والنموذجي·
وعلى الرغم من أن العبدلله له موقف قديم رافض لمبدأ عزل العزاب في "جيتو" أو "ملاّح" كما ينعت إخوتنا المغاربة به حي اليهود في بلادهم·· إلا أنه ما زال يجد صعوبة في قبول قرار نفي معشر العزاب الى محاجر أخلاقية، تضاهي المحاجر الصحية التي يعزل فيها المرضى المصابون بمرض معد خطير، يخشى من انتشار عدواه الى بقية سكان دولة الكويت وضواحيها!
أقول: رغم موقفي الرافض للفكرة، والمنشور في صحيفة السياسة أواخر السبعينيات، أجد أن مدينة العزاب يمكن أن تكون معلما سياحيا يزوره المواطنون والمقيمون المتزوجون على سنة الله ورسوله! ويمكن أن تسند عملية تسويق زيارة مدينة العزاب الى شركة المشروعات السياحية، لتقوم بجباية الرسوم التي سيدفعها زوار المدينة على مدار العام·
إن تجربة مسكن تجمع عمالي في منطقة سكنية معينة خاصة بهم، كما هو حادث الآن في منطقة "خيطان" لا تشجع أبدا على حشر العزاب وعزلهم في منطقة سكنية واحدة، ولعلها تحرص على إدماجهم في نسيج المجتمع الكويتي من دون الخشية من خروجهم على قيمه وعاداته وتقاليده·
ومن يعلم بما تدبره الأيام للبلد جراء وجود مدينتين للعزاب فقط· بادئ ذي بدء سنفاجأ بجمعيات ومنظمات حقوق الإنسان المحلية الوطنية، والعربية، والدولية تلاحقنا بالمخالفات الحقوقية التي تجري في مدينتي العمال! زد على ذلك - إن شئت لي أن أشطح متشائما - مطالبة مدن العزاب "بالحكم الذاتي" بداية·· ومن ثم لجوئهم الى الأمم المتحدة للمطالبة بالاستقلال التام لإنشاء دولة العزاب العظمى (بالإذن من الأخ العقيد القذافي!)·
العزاب بشر مثلنا!
· إن منازلنا عامرة بالعزاب·· من الجنسين، ويقطنون معنا في مناطقنا السكنية "النموذجية، (ليت أحدا يدلنا على إشاعة وفرية وكذبة صفة النموذجية الموصوفة بها مناطقنا السكنية لفظيا فقط لا غير)·
في أيام الجمع نجد أن المساجد في مناطقنا النموذجية تزدحم بالعزاب المسلمين، الأمر الذي يدل دلالة قاطعة على أنهم أوادم محافظون على واجباتهم الدينية، مثل أرباب البيوت الذين يجاورونهم في الصلاة! وهذا يعني - بداهة - أن العزاب مثل كل البشر فيهم الصالح والطالح، والزين والشين· وما دام الأمر كذلك، فلم يتم عزلهم لمجرد أنهم عزاب بس؟! وكأن العزوبية وصمة تشين صاحبها وتدينه! إننا حين "نطرد" العزاب من مناطقنا السكنية "النموذجية" ننسى ونتناسى أن هذه الفعلة ستفضي بالكثير من الأسر الكويتية المستورة وذات الدخل المحدود الى الجلوس على حصيرة الفقر والعياذ بالله· إن أغلب المؤجرين الكويتيين الذين يؤجرون غرفا أو ملحقا سكنيا لمجموعة عزاب مضطرون الى ذلك لأن رواتبهم التقاعدية، ومداخيلهم المحدودة لا تكفي للصرف على أسرهم وذويهم طوال شهر كامل، فماذا يفعلون حين يمنعون من تأجير قسم من سكنهم للعزاب؟!
إذا كان العازب الوافد يشكل تهديدا للأمن الاجتماعي للبلاد، فلا داعي لوجوده فيها بداية! وبما أنه لم يصدر عن منظمة الصحة ما يفيد بأن العزوبية مرض معد خطير يستحق أصحابه العزل والحجر، فلا داعي الى التعجل في إنشاء المدينتين، اللهم إلا إذا أردنا أن نقع في المحاذير التي ذكرتها في أول المقالة!!
ولعل تجربة المملكة العربية السعودية في هذا المجال تستحق التنويه فهم يقيمون مساكن الشغيلة بجوار المشروعات التي يقومون بها، فإذا فرغوا منها، عادوا الى مسقط رأسهم فورا!
ثم تعال هنا: من قال إن كل العزاب الموجودين في البلاد عزاب بالضرورة؟ الحق أن الكثيرين منهم من ذوي العائلات ويتمنون وجود عائلاتهم بمعيتهم، لكنهم لا يقدرون على ذلك جراء ضعف مرتباتهم الهزيلة· فوزارة الشؤون تمنعهم من استدعاء عائلاتهم لضعف مرتباتهم، وهم بدورهم يضطرون الى عيشة العزاب للسبب ذاته، وهذه، كما ترى، حلقة مفرغة من إبداع الروتين الحكومي المليء بالأحاجي والألغاز والألغام! وأزعم بأنه - حضرة الروتين في الكويت الجبيبة - يبز ويفوق نظيره في مصر المحروسة·· ولا فخر!!
إن المشاكل والآثار السلبية الخطيرة وما الى ذلك الناشئة عن حشر العزاب في مدينتين أو أكثر، ولو كان الأمر كذلك لوجب إنشاء مدينة للمجرمين، وأخرى للعوانس الأوانس، ومجمع للمخرفين الذين بلغوا أرذل العمر·· وعلى ذلك فقس! وإن لم يعجبك "القس" فعلى ذلك "فشيخ وملا" أو كما شئت·
فمن حق وواجب وزارة الإسكان دراسة الجدوى الاجتماعية والنفسية وغيرهما لوجود مدينتي العزاب قبل عمارتهما! |