رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 رجب 1425هـ - 25 أغسطس 2004
العدد 1642

ملاحظات
خلط المفاهيم بين الديمقراطية والعلمانية
كامل عبدالحميد الفرس
kamfaras@yahoo.com

في مقالته "الديمقراطية أو العلمانية" - القبس 4 أغسطس 2004 - يرد فيها السيد عيد الدويهيس على الكاتب الصحافي عبداللطيف الدعيج محاولا تفنيد ما زعمه الأخير في ما كتب عن موضوع احتكار العملية الديمقراطية على العلمانيين، وما سطره الأخ الدويهيس من أدلة وبراهين يعتقد هو بأنها كفيلة لتصحيح الحقيقة!·

وإذ نحاول هنا برغبة منا في محاولة لطرح الموضوع ذاته، وإعادة تقييم الأشياء وإبراز مفاهيمها الواقعية حسب ما نعتقده فقط لكشف الستار عن المستور، وفي تحديد أكثر مسؤول لفهم الأمور، حيث إن السيد الدويهيس سعى من خلال مقالته للوصول الى حقيقة هو يعتقد بأنها الأقرب الى الأمة الإسلامية اليوم، وذلك حين يشير برأيه الى أن أساس البلاء لهذه الأمة تأتي من جرأ "حفنة" من العلمانيين وطروحاتهم المتناقضة بل الخطأ في فهمهم للعملية الديمقراطية عن طريق احتكارها لهم، ومن ثم كل تلك الأمثلة والنسب المؤوية التي بينها في مقالته لكي يستند بها على ما هو مقتنع به، الى آخر ما جاء به من مقارنات بالمفاهيم بين الشورى كأساس لتنظيم سياسي يناقض الديمقراطية بمفهومها الغربي حين أشاد بالنموذج اليمني والماليزي في تطبيق ما يدعيه بالديمقراطية، ولا أعلم لماذا تجاهل إيران والسودان من تلك الممارسة بالرغم من أنهم دول تعد على الأمة الإسلامية؟!، وهذه لعمري حقيقة غامضة وساذجة في طرحها الى حد كبير·

لذا نرى من الواجب علينا أن نوضح ما يلي:

1 - إن العلمانية، وكما يحاول مناظرونا المتأسلمين تصويرها للعامة، بعيدة كل البعد عما يدور في فكرهم، ولا عتب عليهم إن لم يستطيعوا استيعاب أدبياتها لغياب روح المشاركة والمساهمة في صنعها، وكيف يمكن ذلك وهم من المشككين بمفاهيمها بل مكفرين معتنقيها؟ أليس في ذلك عبث بالمفاهيم؟ فالناظر للفلسفة العلمانية من هذه الزاوية لا يمكنه أن يؤمن بها أو أن يقبلها كفكر مستنير حقق للعالم أجمع "عدى عالمنا الإسلامي" من الرفاهية السياسية والاقتصادية والثقافية ما حقق، حتى أضحى الكون بأسره يقارع من قيم العلم والتكنولوجيا الكثير والكثير لا مجال لاستعراضها هنا في هذه العجالة، إذن لا يختلف أحد في تحديد مفهوم العلمانية "إن أُبعد طبعا عن منطق الصراع المتخلف الذي ندور نحن جميعا مع شديد الأسف بفلكه" هي فلسفة علمية خالصة بالدرجة الأولى، تضع منهاجا في أسسها، لا تقبل التظليل تحت أي مسوغ أو فكر كان، فما بالك بالمسوغ اللاهوتي؟!·· وحين تتشبث العلمانية بروحها الصلب كالبرجماتية Le progmatisme أو المنهاجية Le chematisme لتطرحه علي ماهية الفكر الإنساني·· يستجيب لها طاغوت المعرفة الحقة، وفضيلة الإخلاص للعلم ودوره الشامخ في نشل الأمم من بؤس الغموض، ولنأخذ بلدا كاليابان مثالا ساطعا لهذا الأمر، حتى لا نصاب بتهمة الأمركة والاغتراب المعلبة سلفا، لذا يعد اليابان نموذجا آسيويا خرج من الحرب العالمية الثانية منهكا بكامله، فلم يستسلم لقدر الغيب - الذي نستميت نحن بظله - حتى أضحى بصف الدول الصناعية الثمانية الكبرى، فارضا قوته الاقتصادية وبكل فخر واعتزاز، فأين اليمن وماليزيا التي ينتشي فرحا بديمقراطيتها السيد دويهيس ؟

2 - إنها لحالة محزنة في حقيقة الأمر أن يصل منا من يظلل المفاهيم بما تشتهيه نفسه، وإلا كيف يمكننا تصور العلمانية بأنها فكر إلحادي؟ وما دخل العلمانية بالدين حتى تصاب بداء الإلحاد؟ ومنذ متى يؤمن معتنقو فكر الغيب بدور العلم ورسالته الإنسانية السمحاء؟ ألم يتهم الكثيرون داروين وفرويد وغيرهما  من العلماء والمفكرين الذين غيروا بعلمهم وجه العالم بالإلحاد والكفر؟!·· بل ألم يوقفوا ابن رشد والمعري بدائرة الشر  والزندقة بينما يحلو للغير "الخير" العزف على وتر الجهل الصدئ ؟·· إن الأمثلة كثيرة على ذلك بين الصراع الحاصل بين من اهتدى بنور العلم ونقيضه مستحضر ملكوت الغيب، إلا أن الدول الحية قد حسمت أمرها آخذة على عاتقها الالتفاف برسالة العلم وحده دون غيره مهما كلفهم ذلك من أمر·

3 - أما عن مقارنة دور العلمانية في مسألة الديمقراطية مع ما تمثلة نسبة %1 كما يحاول تصويرها السيد الدويهيس فهذا حقا إجحافا بحق العلمانية، وقفزا مع سابق الرصد لقواعدها المسالمة والأغلبية الصامتة المؤمنة بدور العلم للعلم بالمجتمع، وهنا تكمن الكارثة الفعلية بعقولنا حين يختلط الحابل بالنابل، وما علاقة العلمانية في مفهومها وروح فلسفتها السمحة بممارسة سياسية رائدة كالديمقراطية؟ ألا يعني هذا بأن مفكرينا المتأسلمين لا ينظرون الى الأمور إلا من زاويتهم الضيقة فقط؟ أليس بعد ذلك وضوحا الى ما يرمون إليه من زج وخلط بالمفاهيم؟ ومتى سيدرك السيد الفاضل وغيره أننا أمة بعيدين كل البعد وحتى النخاع عن تجربة الثورة الصناعية الكبرى؟ أليست هذه الثورة التي مهدت الى عالمنا المتمدين الحاضر هي من نتاج الفكر العلماني المؤطر بالروح الليبرالية السمحاء؟ والى متى نسمي ذلك؟

قليل من الاحترام لعقولنا يا سادة يا كرام يكفي لكي نحاول أن نعيد أرواحنا التعبة من جراء مهاتراتكم المسيسة المتدثرة تحت غطاء قيم اللاهوت، لقد زكمت أنوفنا من روائح العبث بعقول المجتمع بأسره فما حصدنا غير الهزائم تلو الأخرى وعلى جميع الأصعدة··· فمتى يا ترى نستوعب النموذج الياباني؟

�����
   

أبعد من خليفة ونجمة:
سعود راشد العنزي
بصراحة:
مسعود راشد العميري
حكاية التكنولوجيا وثورتها(1):
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
سمعت وما "شفت":
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
فضيلة التخلف!:
فهد راشد المطيري
مسألة رفع سعر الخصم!:
عامر ذياب التميمي
الغلاء·· والقطاع الخاص:
المحامي نايف بدر العتيبي
محطات في حرب التحرير:
عبدالله عيسى الموسوي
خلط المفاهيم بين الديمقراطية والعلمانية:
كامل عبدالحميد الفرس
أزمة وطن:
د. سامي عبدالعزيز المانع
ما هو مفهوم الحكومة الوطنية؟:
د. جلال محمد آل رشيد
تجربة نضالية مثيرة أمام البيت الأبيض!:
رضي السماك
الانتخابات العراقية·· مفتاح العملية الدستورية:
حميد المالكي