تأتي ذكرى التحرير هذا العام بلون وطعم آخرين، فذكرى تحرير الكويت من جيش صدام كانت تأتي في السنوات السابقة وهو لا يزال على سدة الحكم، بعكس ما كان يتوقعه المراقبون، حيث كانوا يظنون أن نهايته ستكون بعد أن يندحر من الكويت، وفعلاً صدق قول هؤلاء واشتعلت ثورة في الجنوب شملت معظم مدنه وعلى رأسها البصرة والنجف وكربلاء والعمارة والناصرية، إلا أن هذه الثورة قمعت بتخاذل واضح من الأمريكان، واغتنم صدام حسين فرصة انتصاره على تلك الثورة المغدورة ليسوم أهل الجنوب سوء العذاب، وليزيد عذابهم أضعافا مضاعفة وهم الذين اكتووا بطائفية نظامه وبسنوات حربه مع إيران· إذن، في السنوات السابقة كانت فرحة ذكرى التحرير ناقصة، فهذا الرجل قابض على السلطة ويهدد الكويت وأمنها فضلاً عن جثومه على صدر العراقيين·
أما هذه الذكرى، الذكرى الثالثة عشرة لتحرير الكويت، فإنها تأتي في أجواء ملؤها التفاؤل، فقد أزيح صدام حسين من على كرسي الحكم، وتشكل مجلس حكم يحوي جميع أطياف الشعب العراقي، والجميع يترقب نقل السلطة واستعادة السيادة الكاملة في يوليو القادم· تخلص الشعب العراقي من ذلك الطاغية الذي سامه سوء العذاب مع الشعب الإيراني والكويتي، وبالتالي حلت الذكرى ببهجة أكبر لجميع أبناء المنطقة، ولعل هذه الذكرى تكون فرصة بحيث نغتنم جو التفاؤل وندفع بعملية إعادة اعمار العراق لما لها فائدة على الجميع، وحسناً فعلت الدبلوماسية الكويتية حينما عقدت مؤتمراً حول دول الجوار انتهى إلى تأكيد ثوابت مهمة وهي وحدة العراق، ومن جانبه أكد العراق على رغبته في العيش بسلام مع جيرانه في الحدود الدولية المرسومة·
ولعل هذه الذكرى مهمة أيضاً من جوانب أخرى وبالذات بالنسبة للشعب الكويتي، فالغزو أدى إلى تلاحم وطني كان يمكن الاستفادة منه في إعادة إعمار الكويت، ولكن للأسف رأينا بروز ظواهر سلبية كعودة القبلية والطائفية مرة أخرى وكانت أوضح صورة لها الانتخابات الماضية، ولعل تقسيمة الدوائر الانتخابية الحالية قد ساعدت على تفشي تلك الظاهرة، ويحسن بنا ونحن نمر في هذه الذكرى وصوت المطالبة بتغيير تلك التقسيمة يعلو، أقول يحسن بنا كشعب أن نعيد النظر فيها لما فيه ضمان وحدتنا الوطنية، ثم إن هذه الذكرى تحل والجميع يتحدث عن إعادة إعمار العراق، وهي فرصة تفتح المجال واسعاً أمامنا لتغيير مسارنا الاقتصادي، بحيث تستعيد الكويت مركزها كميناء للخليج كما كانت في الخمسينات والستينات، ونزج بالمزيد من شبابنا في هذه العملية بدل أن يتحولوا إلى “كتبة” في جهاز الدولة المترهل·
alyusefi@taleea.com |