رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 23 مايو 2007
العدد 1775

نحن لانستحق صفة الإنسانية
الدكتور محمد سلمان العبودي
dralaboodi@gmail.com

* كيف نبرر قتل الفلسطينيين أنفسهم بأيديهم وكأنهم فقدوا العقل والمنطق وحتى أبسط أنواع الإنسانية؟

ما هي القيم والعبر التي سوف ننقلها إلى أبنائنا عن أنفسنا؟ ماذا سنحكي لهم؟

ماذا سنورث لهم؟ وبأي وجه سوف نحكي لهم عما يجري على أرض آبائهم وأجدادهم؟

قبل مائتي عام لم تكن هناك صور وأفلام تثبت بعض الحقائق التي نقرأها زائفة ومحورة عن حقيقتها·· أما اليوم فهناك الصور الملونة والأفلام المسجلة والمواقع الإلكترونية المحفوظة وغيرها··

كنا نقرأ تاريخنا بألف وجه ووجه· كل يبرر موقفه وفق ما يروق له· فضعنا بين الصدق والكذب والحق والباطل··· ولم يكن بُدّا من تصديق كل الادعاءات أو نفيها كلها، فالهزيمة أصبحت نصرا، والجريمة أصبحت دفاعا عن النفس، والمعارضون عصابات وقطاع طرق يجب التخلص منهم···

اليوم تاريخنا مدون بطريقة لا تحتمل المزايدات ولا التزييف· وكل شيء واضح كالشمس، والأجيال القادمة ستكون أكثر ذكاء منا لفهم الحقيقة التي نعيشها· ربما بعد مئة عام سيبصق علينا أبناؤنا، وربما سيتهموننا بالجهل والدناءة والتخلف والسبب في الدمار الذي لحق بهم، وربما تبرؤوا منا ومن تاريخنا كله·

علينا أن لا نشعر بالحرج· فأبناؤنا كما يبدو لن يفهموا وقتها لغتنا العربية، ولا عقليتنا العربية ولا تاريخنا العربي والإسلامي، فنحن في كل يوم نمسح كلمة عربية في جهاز الذاكرة لندرج محلها كلمة غربية، وفي كل يوم نمسح عادة من عاداتنا القديمة العريقة لنستبدلها بعادة غربية جاءت من بيئات دنيا غير نبيلة نربي عليها أطفالنا منذ ولادتهم، فالقادمون من أحفادنا لن يفهموا لغتنا ولا حكاياتنا المخجلة·

كيف سنجيب على أسئلتهم؟ أحد أبناء العرب تربى في أحد الدول الغربية، سأل أباه يوما: لقد قرأنا أن خليفة المسلمين الثاني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قُتِل، والخليفة الثالث الذي جاء بعده عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أيضا قُتِل وهو يتلو القرآن، والخليفة الرابع علي بن أبي طالب - كرم الله وجه-  وابن عم الرسول- صلى الله عليه وسلم - وزوج ابنته هو أيضا بدوره قُتِل بينما كان يصلي الفجر، وابنه الحسن قُتِل مسموما، والحسين قُتِل مذبوحا، وهلم جرا في تاريخ العرب المسلمين مرورا بالدولة الأموية والعباسية الأولى والثانية إلى هذا التاريخ؟ فهل هذا صحيح أم زيف؟

لم يجد الأب إجابة غير الصمت

وغدا سوف يسأل الطفل الفلسطيني - هذا إذا ظل شيء هناك اسمه فلسطيني على وجه الكرة الأرضية بعد مئة عام - لماذا وكيف تم احتلال أرض أجداده من قبل اليهود؟، وكيف تم تهجير شعبه في شتى بقاع الأرض؟، وكيف وكيف، ولكن السؤال الأكثر حرجا هو كيف نبرر قتل الفلسطينيين أنفسهم بأيديهم وكأنهم فقدوا العقل والمنطق وحتى أبسط أنواع الإنسانية؟ حتى الغربان لا تقتل الغربان والضباع لا تغتال الضباع، فكيف سولت للفلسطيني نفسه أن يقتل أخاه، بينما آلة الحرب الإسرائيلية والنوايا الأمريكية والسياسة الغربية تحيط به من كل جانب ومكان لتقضي عليه؟ كيف سيؤرخ الفلسطينيون تاريخهم الحاضر لأبنائهم وأبناء أبنائهم؟ إنها وصمة عار في تاريخ كفاحهم الطويل يجب أن تكتب بالبند العريض ليقرأها الأعمى ويسمعها الأصم نكاية بهم!

لقد تألمت كثيرا عندما قال لي أحد (العرب المسلمين أبا عن جد) بالحرف الواحد: إنهم إذن يستحقون ما تصنع بهم إسرائيل وقبل أن أرده عن قوله قاطعني مقهورا:  إن الله - عز وجل -  سلط عليهم اليهود كما سلط موسى على فرعون، ولم أستطع الدفاع عنهم، لأننا بقدر ما كنا ندافع عن قضيتهم لم نجد اليوم ما ندافع به عن شراستهم التي تسجلها كاميرات الصحف العالمية وتبثها جميع القنوات العالمية نكاية بهم وفرحا لما يصيبهم!

ثم ماذا سنحكي لأبناء وأبناء أبناء العراقيين؟، الذين تآمروا على أنفسهم، وحولوا بلدهم إلى مقبرة ليس للغزاة وإنما للشعب العراقي نفسه، وباعوا ضميرهم وإنسانيتهم؟ جاءوا بالولايات المتحدة الأمريكية لكي تخلصهم من زعيم فاسد، فاحتلتهم، فجاءوا بعد ذلك بعناصر خارجية لكي تخلصهم من الولايات المتحدة الأمريكية، فإذا بها تنكل بهم شر تنكيل· فما يمر يوم من دون أن تدفن تحت أرض السواد خيرة أبنائها وعلمائها ومفكريها وأدبائها وأبريائها·

ماذا سنكتب عن تاريخ العراق غير ما هو حادث أمام أعيننا؟ وما هو محفوظ لدينا من أشرطة الفيديو والأفلام الملونة كشاهد على ما كان يحصل هناك؟

الكل يخجل من نفسه، والكل ينظر في وجهه ليسأل نفسه كل صباح ومساء: هل نحن مجرمون إلى هذه الدرجة بحيث أصبح القتل لدينا أبسط من شرب الماء؟ ألا يرى هؤلاء أن "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا؟" هل نحن حقا حملة رسالة سيد الأنبياء والرسل محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم)؟ هل لو كان هذا النبي الأمي بيننا كان سيرضى عن أعمالنا أم سيدخلنا النار و بئس المصير؟ هل حقا نحن أحفاد من قام ببناء حضارة الأندلس التي يزهو بها الغرب في أقاصي الأرض؟ هل نحن من ينتمي إليهم ابن سينا وابن رشد والمتنبي والجاحظ؟

ماذا سنكتب عما يحدث في بلد حباه الله كل أنواع الجمال كلبنان؟ ماذا سيحكي اللبنانيون لأحفادهم - أيا كانت طوائفهم - عن تاريخهم؟ الحرب الطائفية؟ النزاعات المذهبية؟ الركض خلف كرسي الحكم؟ الصدامات الدامية؟ هدم الاقتصاد الذي كان يضرب به المثل في يوم ما؟ الاغتيالات الرخيصة المسيسة؟ التدخل الأجنبي؟

ماذا سنحكي لأطفالنا عن أمة تحكم بالقوة والعصي والتفرد بالحكم والقرار؟ ماذا سنحكي عن أمة تبيع أطفالها ونساءها وقيمها مقابل حفنة من الدولارات؟ كيف سنبرر تخلينا عن لغتنا وعاداتنا للتشبث بلغة وعادات الدول التي تنظر إلينا بعين الازدراء، وتستغرب من أمة عريقة كأمتنا تتخلى عن ماضيها كله لتتشبه بالغرب في المظهر والقشور؟ كيف سنحكي لأحفادنا بأن شبابنا لبسوا ثياب الغرب، ورقصوا على إيقاعات الغرب، وتحدثوا بلغة الغرب، وتشربوا كل ما هو من الغرب؟ وعلى من سوف نلقي اللوم؟ على الآباء أم على عقليتنا التي لم تستوعب الحاضر؟

لا أحد يعرف

كتب لي أحدهم مرة ساخرا: نحن متخلفون حتى في طريقة اختيار التخلف المناسب لتخلفنا!

لا أعرف، فنحن جميعا نشعر بالغثيان والتقزز و "الأرف" من أنفسنا! إننا ببساطة فقدنا الأخلاق الإنسانية ، وأصبحنا نعيش كالطفيليين على فتات الآخرين·

نحن ربما شعب يجب ألا يكون له مكان على الكرة الأرضية التي تسير في عالم ونحن في عالم آخر·

فقد جلس الأمريكان على القمر قبل أربعين سنة، ونحن نتقاتل من غير سبب شرعي، وأرسلوا مركباتهم الفضائية إلى المريخ على بعد 200 مليون كم منذ عام 1964 وحلل الأمريكان تربته وإمكانية العيش عليه ، ونحن نبيع عقولنا بأرخص الأثمان، و حطت مركبات الروس عليه منذ عام 1971، بينما نحن نتفاخر بالسيارات الفارهة والساعات السويسرية، وهم يخترقون الفضاء يوما بعد يوم إلى مسافات خيالية لا يستوعبها العقل الذي لا يستوعب تخلفنا العقلي، ونحن ما زلنا لا نعرف كيف يشحذ رأس الدبوس·

إحدى النوادر التي تم تداولها بين الناس، تقول بأنه سيأتي يوم لن يكون فيه على وجه الأرض سوى العرب ، وعند السؤال عن السبب، يرد الآخر: لأن الجميع سيذهبون للعيش في كواكب أخرى بعيدة، ولن يتخلف على الأرض سوى العرب ، وهذا إلى حد ما صحيح، إذ ما زلنا نهدم والآخر يبني، ونقتل والآخر يمنح الحياة، ونتأخر مئة خطوة في اليوم للخلف والآخر يتقدم ألف خطوة في اليوم للأمام·

* جامعة الإمارات

 dralaboodi@gmail.com

�����
   
�������   ������ �����
بين العصر الحجري والعصر الدموي
الحكيم الصيني وسوبرمان وغونو
يبدو أن الموضوع أصبح جديا
نحن لانستحق صفة الإنسانية
عندما غضبت سيغولين رويال
بين الأحد الماضي والأحد القادم: حظنا العاثر!
هيكل ولكن بضخامة جبل
حيلة كليوباترا...
الأدوار الجديدة.. من الداخل
تسمم صحافي!!
ماذا اكتشفت ناسا؟
الإعلام والضمير المباع بالدولارات
بيني وبين ذلك الفرنسي...
هؤلاء الذين غيروا موازين القوى
المنطقة والقادم... ماذا ننتظر؟
من سيمسك بالعصا من وسطها؟
المحاكمة...الظالمة
الموت بالجملة والمفرق
وماذا بعد نهر الليطاني؟
  Next Page

الحالة الفلسطينية: من الثورة إلى الرضوخ لشروط مميتة:
د. نسرين مراد
المواطنة الاقتصادية الخليجية:
مريم سالم
الغارقون في السياسة:
ياسر سعيد حارب
نحن لانستحق صفة الإنسانية:
الدكتور محمد سلمان العبودي
إشكالية الثقافة:
د. لطيفة النجار
كيف نسكت ضوضاء نفوسنا:
د. فاطمة البريكي
لبنان.. لا تتركوه وحيدا!:
سليمان صالح الفهد
النضج السياسي:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
"إلا المجلس"!:
سعاد المعجل
النائب "أبو القنادر":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
أبحري يا سفينة الحمقى!:
فهد راشد المطيري
لقد اقترب الفرج:
فيصل عبدالله عبدالنبي
عندما يتحرك الشباب:
محمد بو شهري
خليفة علي:
على محمود خاجه
اتحاد عمال البترول:
المحامي نايف بدر العتيبي
الأمم المتحدة بين الأمس واليوم:
آلاء عادل الهديب
59 عاما على نكبة فلسطين(1):
عبدالله عيسى الموسوي
مجتمع منزوع الدسم:
علي عبيد
وزراء الكويت..
تحية إلى شرفاء الأمة..
على الإصلاح السلام..:
محمد جوهر حيات
بقالات..
ثنائية اللغة!:
علي سويدان
بوش: انقل تمثال الحرية!!:
د. محمد عبدالله المطوع