المتابع للساحة السياسية الكويتية عليه أن يقرأ ما وراء السطور، وألا يقتصر على ما يراه أمامه من مشاهد·· فالمسرح السياسي تتحرك فيه شخصيات عديدة تؤدي دورها بأمانة وإتقان، وهي شخصيات تتحرك بإرادتها ويحركها حرصها على الوطن·· ولكن هناك شخصيات تحركها أيد خلف الستار فتقوم بأدوار مطلوبة منها في الوقت والزمان المحددين·
ما يحدث اليوم هو صراع بين توجهين أحدهما يريد للديمقراطية أن تستمر ويريد للدستور أن يفعّل ويريد استخدام كل آليات الرقابة والمحاسبة الدستورية·· والآخر يريد الحفاظ على مصالحه المتراكمة ولو أدى ذلك إلى استخدام أية وسيلة ممكنة أو لجأ إلى إفساد الضمائر والذمم·
ومن الواضح أن كلا الاتجاهين يملكان مؤسسات سياسية، ويدافع عنهما وزراء ونواب سواء من السابقين أو الحاليين ولديهما صحف تكتب بهذا الاتجاه أو ذاك وقوى اجتماعية تقف بقوة وراءهما وتيارات سياسية تعمل لتعزيز مكانة ودور أصحاب هذه التوجهات·
من هنا فإن البعض وهو يرى هذا المشهد السياسي يتصور أنه ذو نتائج سلبية، ولكني أرى عكس ذلك، فإن كل هذا الذي يحدث هو أمر إيجابي سيخلق مخاضا فاعلا مع الأيام وسيخلق اصطفافا سياسيا جيدا سيعرف الناس عندها من يعمل لصالحهم ومن يمثل عليهم،فإذا أضفنا إلى ذلك عنصر الشباب الكويتي الذي أصبح له دور سياسي فاعل وضاغط على أعضاء المجلس، ومن خلال الإنترنت سنجد السنوات القادمة ملأى بالمفاجآت السارة·
وإذا ما تواصل الفرز السياسي بين هذين الاتجاهين فإنه سينضج العملية السياسية، وسيخلق قفزة نوعية من خلال الاصطفاف السياسي أولا وفهم الناس لما يجري من أحداث على الساحة وإدراك أبعادها ثانيا··· وهي في حد ذاتها قفزة نوعية للوعي السياسي الذي نأمل أن يخلق في القادم من الأيام·· فالصراع الحقيقي اليوم هو بين المجلس وبين من بدؤوا يفقدون مواقعهم في القرار، وأن نمو الديمقراطية بدأ يضرب مصالحهم ومواقفهم لدرجة أن الفرز بدأ يتوضح حتى داخل التيار السياسي الواحد·· وليس علينا إلا مراقبة الأحداث وقراءة ما بين السطور ففيها الكثير من المفاجآت· |