أن تذهب إلى أستراليا يعني أن تقطع المسافات الشاسعة والوقت الطويل للوصول إليها وأن تتحمل عناء السفر ووعثائه· بيد أن في السفر فوائد عديدة، لعل أقلها اكتشاف مجتمع جديد والاطلاع على أحواله وتاريخه وما أنجز فضلاً عن رؤية منطقة بتضاريسها ومناظرها التي عادة ما تكون مختلفة عن تلك التي يعيش فيها المرء·
وقد أخذتنا المهمات العلمية إلى أستراليا هذه المرة لمناسبة انعقاد المؤتمر السنوي لعلم الاجتماع عندهم· والمؤتمرات السنوية تلك، التي تجري في معظم دول العالم المتقدم هي فرصة للتعرف على الجديد في مجال العلم فضلاً على الالتقاء بزملاء المهنة، وعادة ما يكون في هذه المؤتمرات عرض لأحدث الكتب في التخصص بالذات بتلك المؤتمرات التي تعقد في الولايات المتحدة، إذ يتخذها الناشرون فرصة لعرض مطبوعاتهم بوجود كتابها·
وتشعرك أستراليا وأنت تحط بها أنك وصلت إلى "آخر العالم"، فهي بعيدة شأن نيوزلندا والدول الجنوبية من أمريكا اللاتينية عن قلب "العالم القديم"· ويبدو على أهلها أنهم خليط من أمم كثيرة بالذات من سكانها الأصليين الذين تزاوج معهم النازحون الأوائل من المساجين الإنجليز الذين كانت تتركهم بريطانيا لمصيرهم المجهول في هذه القارة النائية· والغريب أن هؤلاء المساجين ( المجرمين بالطبع ) أصبح أحفادهم الطبقة العليا في المجتمع الأسترالي الحديث!!
ورغم طيبة أهل أستراليا وترحيبهم بالأجنبي وقبولهم 12 ألف لاجئ سنوياً فضلاً عن المهاجرين الذين يفدون إليها ويكتسبون الجنسية فيما بعد، إلا أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر قد وضعت بصماتها على نفسياتهم· فما إن تدخل المطار حتى تبدو إجراءات الأمن مشددة بالذات مع أصحاب السحنة الشرق أوسطية وعلى الخصوص العرب، فكأن لسان حالهم يقول "لا نريدكم يا عرب أن تدخلوا ديارنا"!!
والواقع أن العرب والجالية المسلمة لا تحاول أن تخفف من غلواء هذه النظرة السلبية، فيما نحن نغادر أرض أستراليا صباح الثامن من هذا الشهر وإذا بخبر تتداوله وسائل إعلامهم عن طالب مسلم "بال على الإنجيل" فطرد من المدرسة!! وسماحة أهل أستراليا تظهر هنا حيث لم يقتل أو يهدر دمه كما هو عندنا لأمور أقل كثيراً من هذا الفعل الشائن!! إن هذه التصرفات تزيد الطين بله في وقت بات فيه المجتمع الغربي برمته متحفزاً ضد حركات وتصرفات العرب والمسلمين·
alyusefi@hotmail.com |