مازال حديث الناس اليومي يتمحور حول "المرور" ففوضى قيادة المركبات باتت هاجس الجميع من دون استثناء، وعلى الرغم من تزايد أعداد المشاركين في مهرجان الفوضى "الشوارعية" أي أن هناك خللاً واضحا في قائدي المركبات ونقصا في السلوك المهذب لدى شريحة كبيرة منهم!
إلقاء اللائمة على أجهزة الإدارة العامة للمرور قد يكون مبررا للهروب من مواجهة الحقيقة، وهذه الحقيقة لها عدة أبعاد منها أن عددا ليس بالقليل من الناس وبشتى خلفياتهم الثقافية وانتماءاتهم العرقية، لم يعودوا يكترثون بأي قانون أو ضوابط تعارف عليها المجتمع ذوقيا، فكبير السن قل احترامه، والسيدات تجاسرن على الشرطة وعلى الرجال أيضا، حتى أصبحت "دفاشتهن" حديثا على كل لسان، والسيارة الفارهة معفاة من المتابعة والملاحقة! وهناك من يقفز من حارة الى حارة ويتواصل مع صديقه في الحوار من نافذة السيارة الأخرى، ومطلوب منك الانتظار حتى يكمل حديثه، أما عند المدارس فالبعض يعتقد أن له الأولوية في التزاحم و"زعيق" المنبه والسرعة والتجاوز على الآخرين ولا يستثنى من هذه العنتريات حتى بعض السواق الآسيويين! كل هذه المشاهد وغيرها كثير، تحدث في شوارعنا وأحيانا أمام دوريات المرور التي لم يعد أحد يهابها! ولأن مثل هذه التجاوزات كثيرة وغير متناهية فلا يستطيع شرطي الدورية أن يحرك ساكنا أو يطارد متجاوزا!! إذن ما الحل؟ وما العمل؟!
أحد مخضرمي رجال المرور من المتقاعدين يذكر أنه عندما كان "ملازما" حديث التعيين في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، كان الحماس لديهم هو وزملاؤه بركوب الدورية والتجول في الطرق لمتابعة المرور وتطبيق القانون غير عادي لأنه وبحسب رأيه كان هذاالعمل يعطيهم الشعور بأهميتهم، وقد فرضوا بهذا الانضباط هيبتهم على "السائقين" و "المشاة"، أما اليوم فإنك من النادر أن تشاهد "دورية مرور" يركبها ضابط من جميع شرائح الرتب، ناهيك عن قلة هذه الدوريات في الشوارع المزدحمة والضرورية ويختصر هذا الضابط المخضرم السبب في انسحاب القادة الضباط من الميدان المباشر والاحتكاك بالناس هو بسبب تعميم العقاب من القيادات العليا على الضباط أو الشرطة عندما يخطىء أحدهم في عمله والأمر الثاني ضعف الحماية الأدبية لهم فيما لو تطفل أحد "المعازيب" أو حتى سواقهم فالنتيجة الكل رفع يده مستسلما!!·
mullajuma@taleea.com |