في ضاحية الروضة أدار السيد صلاح المضف في ديوانه ندوة بعنوان "هل للفساد من نهاية؟" حاضر فيها النائب أحمد السعدون والكاتب أحمد الديين إضافة لصاحب الديوانية عارضين صورة كئيبة عن واقع الفساد في الكويت نجحت في تسريب مشاعر القهر الى جمهور الحاضرين ثم قراء الصحف على مدى يومين متتاليين·
وما يجب أن نؤكد عليه ابتداء هو أن الفساد سوف لن ينتهي، فجنوح الفرد الى تغليب مصلحته على مصالح الآخرين وبما قد يضر بمصالح المجموع، هو أمر سعت الشرائع السماوية والأرضية ونضالات المصلحين على مدى تاريخ البشرية الى تهذيبه وتقويمه بالحكمة والموعظة الحسنة تارة وبالتهديد والوعيد تارة أخرى وبإيقاع العقوبة والتدرج فيها تارة ثالثة·
ودروس التسعينيات وما تلاها تبرهن بشكل خاص على هذه الحقيقة فقد نال العقد الفائت عن استحقاق وجدارة فضل نجاحه في تفجير قضية الفساد الاقتصادي على الصعيد الدولي وفي اتجاهات الكرة الأرضية الأربعة·
وللفساد في واقع الأمر مزيج من الأسباب شديد التعقيد يختلط فيه الشخصي مع العام، والمحلي مع الإقليمي مع الدولي، ونحتاج هنا في الكويت الى جهد بحثي معمق لتمحيصها لاسيما أن استراتيجيات المكافحة يفترض أن تعد انطلاقا من هذه الأسباب·
وللتدليل على ذلك نعرض بعضا منها مثل الفجوة الحضارية بين قيم المجتمع بتصنيفاته القبلية والطائفية والعائلية وقيم الدولة بقواعدها الرسمية مما يهمش الإحساس بالذنب لدى الفرد أو الجماعة عند اللجوء لإنشاء قنوات تأثير استثنائية لتسيير مصالحهم، ثم تأثر النظام القيمي للمجتمع سلبا بفعل تداعيات الحقبة النفطية والغزو العراقي والانفتاح العالمي بسرعة صاروخية في حقبة التسعينيات، وكذلك الخواص المؤسساتية لأجهزة الدولة التي تقوم على منح سلطات تقديرية واسعة توفر فرصا كبيرة للفساد لا يقابلها مساءلة فعالة توفر قوة الردع المطلوبة، ولا تفوتنا الإشارة الى تسرب الفساد الدولي الى المجتمعات المحلية عبر شركات متعددة الجنسيات والجريمة المنظمة والوسطاء التجاريين·
أردنا أن نؤكد في هذه العجالة على أن تبسيط أسباب الفساد سوف يتسبب في خسارة مؤكدة لمعركة عادلة أعني المعركة ضد الفساد·
a2monem@hotmali.com |