تقع على عاتق أعضاء مجلس الأمة خلال الدورة المقبلة مهام جسام عدة، يأمل الشعب أن يتم مناقشتها مع الحكومة بكل جرأة وبعيدا عن الحساسيات والتخوفات! ولأننا تعودنا من بعض النواب الحديث المزدوج خصوصا في القضايا المهمة والانقلاب على الوعود الانتخابية، فمرة بالديوانية كلام ومرة بالصحافة كلام وأما في المجلس فلهم سلوك يكشف زيف الكلام!
مرجع أحد أسباب هذا التباين والتناقض في المواقف لبعض النواب أن بعض المواطنين اضطرتهم سوء الإدارة في الدولة بالعموم الى أن يصبحوا جزءا من مشبك التعاضد مع النائب، فأمست الرقابة على أدائه وأقواله ليست بالشيء المهم عندهم، والأخطر عندما تتم المقارنة ما بين البيئات الاجتماعية بين بدو وحضر، فتبدأ عناصر المحاكاة السلبية تبرز بكل وضوح كثقافة تفوح منها رائحة الأنا وتوهين الوطن، والنتيجة أن هذا النوع المستفيد من الوضع يريد أن يوصل رسالة مفادها أن الكل مشارك بهذه التجاوزات وأن لا فائدة ترجى من الإصلاح و"عفية على نائبنا إذا يقدر يسوي مثلهم"!
قضايا الدولة يجب ألا ينظر إليها بهذا المقياس الضيق والأناني، نحن أمام معضلات عدة تهمنا وتمسنا جميعا، مشاريع الحكومة المقبلة فيها من عدم الوضوح الشيء الكثير: مشاريع الخصخصة ومشروع الضريبة الى حقول الشمال والحقوق السياسية للمرأة وتعديل الدوائر والحريات العامة التي بدأ التجاوز عليها بشكل أو بآخر·
مطلوب من المجلس الانتصار على نفسه ويكفيه تمزقا من الداخل والتشرذم بين الكتل، فما أكثر الرؤوس وما أكثر التحامل في النفوس، ووزراء يتوسلون بالاستقالة وآخرون يستميتون للبقاء! كم هي مفارقات عجيبة وغريبة وليس لشهر رمضان الكريم دخل فيها؟! فهي حالة من حالات "الشيزفرينيا" المنتشرة في المجتمعات الشرقية، مرة أخرى يا مجلس·· العين عليك لأنك عين الشعب فليس كل الشعب يرتدي النظارات الشمسية، حتى يتعامى عن كل هذه السلبيات في الأداء·
رشفة أخيرة
أظرف موقف هو ما يحدث عند رغبتك بالشراء من بائع البطيخ الأحمر "الرقي" الجالس بالطرقات، فهو يقوم بضرب البطيخة حتى يميز الأفضل منها لتشتريها ويبدي اهتمامه بك، وبعد فترة تمر بالشارع نفسه تلاحظ أن جميع البطيخ قد تم بيعه فقد تم ضربها أمام زبون آخر والكل مطمئن أن لديه البطيخة الحلوة والحمراء، السؤال لماذا الضرب عليها إذن طالما سيتم بيعها على زبون آخر؟!
mullajuma@taleea.com |