بعيدا عن السياسة وهمومها وألاعيبها وصراعاتها فقد خصَّصت مقالي هذا الأسبوع للحديث عن "برتقالة" العالم اللغوي العراقي الشهير الدكتور مصطفى جواد مقدم برنامج "قل ولا تقل" من الإذاعة العراقية لسنوات عدة·
وقصة برتقالة الدكتور جواد مازالت سرا من الأسرار، ففي لقاء إذاعي بث منذ سنوات خلت، ردّت ابنته عن سؤال حول هوايات والدها المرحوم بإذن الله تعالى، قالت: كان الشيء المحبب للوالد - والذي زاوله بعناية فائقة - إنه كلما أكل برتقالة جمع نواها ووضعها في قنينة فإذا امتلأت القنينة بالنوى بعد مدة أغلقها بإحكام وتناول قنينة فارغة أخرى ليملأها بنوى البرتقال وهكذا حتى وفاته، فتجمع في بيتنا عدد كبير من القناني الملىئة بنوى البرتقال ونظرا للاحترام الكبير الذي نكنه للوالد، فإننا لم نتجرأ يوما لسؤاله عن سر تلك الهواية الغريبة واعتبرنا ذلك من خصوصيات حياته ورغباته وقناعاته الشخصية، وظل سر تلك الهواية مجهولا حتى هذه اللحظة·
طبعا ليس الدكتور مصطفى جواد وحده من بين العظماء يمارس مثل هذه الهواية الغريبة بل إن الكثير من هؤلاء يمارسون بل ويدمنون نوعا من الهوايات والتصرفات والسلوكيات العجيبة حتى أطلق البعض على تلك الممارسات "داء العظماء"، وفي الغالب فإنهم لا يعلنون الأسرار أو المبررات والأوضاع التي جعلتهم يتصرفون هكذا والأمثلة كثيرة ولا حصر لها·
يذكر البعض أن الدكتور جواد كان راكبا في إحدى باصات الركاب العائدة لأمانة العاصمة بغداد وبعد حين والباص يسير احتدم نقاش بين راكبين فقال أحدهما بما يشبه الشتيمة: "اسكت طرطور" وإذ بالدكتور جواد ينهض واقفا مخاطبا الراكب: "قل طريطرا ولا تقل طرطورا"، ثم جلس فعرف معظم الركاب أنه العالم اللغوي والأستاذ ومقدم برنامج "قل ولا تقل" الدكتور مصطفى جواد·
وبرتقالة علاء سعد
أما أغنية البرتقالة للفنان العراقي "علاء سعد" فإن للشباب موقفا منها تجلّى في إعجابهم بإيقاعها السريع، أما الكبار فأعجبوا بكلماتها وقد انتشرت بسرعة فائقة، وحققت من الشهرة مالم تحققه أغنية أخرى والسبب هو استيلاء صدام ونظامه على كامل وسائل الإعلام ودوائر الثقافة والفنون والآداب بحيث لم يسمع أحد "طيلة أكثر من 35 عاما" سوى الأغاني التي تمجد الدكتاتور وألقابه المزيفة، وللمرة الأولى يتنفس الناس أغنية جديدة تشبّه الجمال الإنساني - الذي وهبه الله سبحانه وتعالى لعباده" بإحدى ثماره وهي البرتقالة·
ما هي البرتقالة؟!
البرتقالة، فاكهة شتوية تقي من أمراض الشتاء، وهي من الموالح التي تمد الجسم بكمية وافرة من أنواع سكر "الجلوكوز"، وعصيرها من أهم أغذية "الكربوهيدرات" وتعوّض عن الأدوية التي ترهق الجهاز الهضمي·
وكلمة البرتقالة وجمعها البرتقال تعني كلمة "البرتغال"، وهو أول بلد نقلها من موطنها الأصلي في الصين، ومن البرتغال انتشر البرتقال في العالم كله وتمتاز شجرتها بالخضرة الدائمة وبذورها مقويّة للمعدة ومنشطة للشهية وعصير برتقالتين يحتوي 225 وحدة دولية من فيتامين "أ" وفيتامين "ج" الذي يقي الأطفال من مرض "الأسقربوط" وفيتامين "ب" ومركب "الثيامين" الواقي من التهاب الأعصاب و"النياسين" المانع من مرض "البلاجرا" وفيتامين "سي" الواقي من الزكام·
وعصير البرتقال خير غذاء إضافي للأطفال الرضّع ابتداء من الأسبوعين الرابع والخامس، والبرتقال له فوائد غذائية وصحية أخرى كثيرة ومتعددة·
hamid@taleea.com |