يوما بعد آخر تُكتشف فصول المؤامرة لتدمير العراق وشعب العراق تشترك فيها أطراف وجهات لم تعد خافية على أحد: دول ومجموعات مصالح ومافيات وأحزاب وجهات كثيرة ومتنوعة وكل على طريقته في التدمير والتخريب والتحريض وعلى جميع المستويات: القدرات والإمكانات العراقية المادية كالموارد الطبيعية والبنى التحتية، والآثار التراثية الحضارية، والقدرات البشرية كالكفاءات العلمية والفكرية العالية، وفي مقابل ذلك إصرار شعبنا وقواه الحيّة التي ضحت بكل شيء في سبيل إسقاط الدكتاتورية، وإنقاذ العراق وشعب العراق من أنيابها الدموية وكوارثها وحروبها وفظاعاتها الجهنمية وإعاقة أي عمل أو مشروع وأي جهد يصب في اتجاه استكمال العملية السياسية والدستورية، وقطع الطريق أمام شعبنا من أجل تحقيق طموحاته وآماله وأهدافه التي اجترح من أجلها المآثر والأمجاد والموروث النضالي لشعبنا الحافل بالمعجزات، إنهم لا يريدون استقرار العراق ونهوضه وتقدمه بل يريدونه ساحة لتقاطع المصالح وتطاحن الإرادات عراقا ضعيفا يشكو الهوان والموت الزؤام·
ولكن هيهات فشعبنا الذي عانى أضعاف أضعاف طاقاته في القمع وإهدار الكرامة وتبديد الثروة وارتهانه بالديون لسنوات مقبلة مكبلا بنتائج مغامرات النظام البائد واستهتاره بشعبنا ووطننا، قادر على دحر وإفشال تلك المؤامرة "الأخطبوطية" وقادر على إكمال مسيرته المظفرة وقادر على جعل العراق بلدا للدستور والقانون، يرفع قيم السلام والحرية والازدهار بفضل إمكاناته الطبيعية والبشرية وموروثه الحضاري، عراق يتجدد وينمو وينتج المزيد من الثروات والطاقات المبدعة بفضل خصوبة الأرض والإنسان التي حباها الله عز وجل لأرض الرافدين أرض السلام والثراء المديد المتجدد·
هذا التفوق العراقي وتلك الشعلة العراقية الوقادة هما ما يغيظ الأعداء ويرعبهم ويجعلهم يعملون وبكل ما لديهم من قدرات على إطفاء تلك الجذوة الوهاجة الأزلية والتي شعّت بأنوارها لتبدد ظلام العصور إلى درجة أن صبر هؤلاء قد نفد أمام هذا الصمود العراقي فراحوا يقتلون العراقيين الأبرياء بشكل عشوائي وهدف الظلاميون الانتقام، وسلاحهم بات لا يفرق بين طفل رضيع وشيخ وقور وامرأة طاعنة في السن وعالم جليل وكفاءة علمية راقية فهم الآن يستهدفون العراق، كل العراق، وبدأنا نسمع أصوات نشاز تتشمت بالعراق: "جبل وياهم العراقيين" و"ما ينفع وياهم إلا صدام"·
ولكن ها هي أوراقهم تحترق واحدة بعد الأخرى: فشلوا في إشعال الحرب الطائفية، وفشلوا في إيقاف الحرب الأهلية، وفشلوا في تقسييم العراق، وفشلوا في إيقاف الدراسة، وفشلوا في إعاقة تصدير النفط، وفي منع تشكيل السلطة الانتقالية وفشلوا في إعاقة إصدار الصحف العراقية، وفشلوا في منع تشكيل مئات الجمعيات والمنظمات الأهلية، وفشلوا في إيقاف حركة النشر العلمي والأدبي وفشلوا وسيفشلون·
فماذا عساهم سيفعلون؟! ليس أمامهم سوى القتل العشوائى لمئات العراقيين الأبرياء وهذا الأسلوب الإجرامي لا أفق له ولا مستقبل له غير الارتداد على أصحابه على إنهم مجرمون قتلة لا قضية لهم ولا مبدأ إنسانيا لهم ولا عقيدة دينية أو سياسية يمثلون بل مجرد قتلة يجب عزلهم وإقصاؤهم ومحاكمتهم والاقتصاص العادل منهم·
نداء عاجل
حتى تكون الأمور أكثر تحديدا ووضوحا فإننا نوجه نداء عاجلا إلى جميع الدول والشعوب والمنظمات أن تقف مع شعبنا وتؤازره وتساعده بالأفعال لا بالأقوال والتصريحات لأنه يخوض اليوم المعركة الفاصلة مع قوى الظلام والجهل والتخلف والتعصب ولا عذر لأي كان أن يظل هكذا يتفرج على المجازر التي ترتكب بحق العراقيين الأبرىاء الذين تخلصوا من ظلم صدام ليقعوا فريسة التطرف والأصولية المقيتة والتي هي امتداد لمحاكم التفتيش والفاشية والنازية والقوى الأكثر رجعية وهمجية·
ارفعوا أصواتكم وقدموا الدعم المادي والمعنوي لأهل العراق الذين يذبحون كل يوم، فاليوم يوم تسجيل المواقف النبيلة والمواقف المخزية والعراقيون أوفياء لكل من ساعدهم وسيساعدهم والذاكرة العراقية لن تنسى تلك المواقف وستظل محفورة في القلب والوجدان أبد الآبدين·
الآن أصبح كل شيء واضحا والهدف تدمير العراق وراء شعارات وعقائد وقناعات متحجرة عفا عليها الزمن وأصبحت في ذمة التاريخ السحيق·
إن استقرار العراق هو استقرار للمنطقة برمتها وإن الحرائق المندلعة اليوم والدماء المسفوحة على ثرى العراق لن تستثني أحدا وستكون لها آثار كارثية على الجميع والذين يشمتون في العراق اليوم ويصبون جام حقدهم ودسائسهم على شعبه المسالم سوف يجدون أنفسهم من أكثر الخاسرين وأكبر المهزومين، فشعبنا يدرك تماما من هم أعداؤه ومن هم أصدقاؤه بحكم التجربة والخبرة وعلى البغاة الزنادقة تدور الدوائر·
hamid@taleea.com |