في نشوة انتصارات أمريكا في العراق وقف وزير خارجيتها السابق رونالد رامسفيلد منتشيا وهاجم ما أسماه أوروبا القديمة ويقصد فرنسا خصوصا التي وقفت ضد احتلال أمريكا للعراق·
وكان يعني بذلك أن عهد أوروبا لقيادة العالم انتهى وبدأ عهد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة اليمين الجديد·
تمر الأيام ويستقيل رامسفيلد بعد أن تبين خطؤه في تقييم الأمور ويصبح وضع رئيسه بوش في ورطة حقيقية نتيجة توريط الجيش الأمريكي في مستنقع العراق ثم تأييدهما لإرهاب الدولة واستخدامهما إسرائيل في حرب يوليو من العام الماضي لضرب البنية التحتية لحزب الله وفشلهما مجتمعين في تحقيق ذلك·
كل ذلك جعل الوضع الاوروبي أكثر حرية في التحرك السياسي الدولي وهذا ما دفع الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي الطلب من وزير خارجيته برنار كوشنير دعوة جميع الفرقاء اللبنانيين إلى طاولة حوار للخروج معهم من الأزمة السياسية في لبنان وإيجاد حل بعد أن فشل العرب والجامعة العربية في إيجاد حل مناسب·
ومما يلفت النظر أنه بالرغم من هجوم الرئيس الأمريكي بوش وإسرائيل على حزب الله واستغرابهما دعوة فرنسا له إلى الحوار فإن الرئيس ساركوزي اعتذر للحزب من اتهامه له بالإرهاب في طريقة أكسبت حزب الله موقعا محترما على الساحة الأوروبية بالرغم من يهودية الرئيس الفرنسي مما يراه بعض المراقبين أن أمريكا وإسرائيل في ورطة، ولن تستطيعا فعل شيء لمنع أوروبا من استقبال قادة حزب الله، ليس في باريس فحسب بل في كل العواصم الأوروبية، فماذا يعني كل ذلك؟، وهل استسلمت الإدارة الأمريكية وأعلنت فشلها في لبنان كما هو في العراق وسلمت سياسة الشرق الأوسط من جديد إلى أوروبا القديمة؟!
ولا أدري ما موقف الرئيس الفرنسي السابق شيراك وهو الذي كان طرفا في الصراع اللبناني وهو يرى الحكومة الجديدة تنسف سياسته الرعناء وتبدأ سياسة جديدة؟!
ويبقى السؤال الأهم: هل ستنجح فرنسا في مواصلة الحوار أم أن أمريكا وإسرائيل ستضعان العراقيل لإفشالها لأن الاستقرار في لبنان لن يخدم سياسة "الفوضى الخلاقة"، بعد أن نفذت الإدارة الأمريكية قدرتها على إنماء الديمقراطية في الشرق الأوسط كما كانت تدعي وأصبحت حامية للدكتاتورية التي تخدم مصالحها في احتلال البلاد العربية والإسلامية ومناصرة العدو الصهيوني؟!
* * *
لو أن يهوديا واحدا محجوزا خلف بوابة رفح لتحرك العالم كله لإدخاله وفي مقدمتهم الرئيس بوش وكونداليزرايس وبقية المجموعة، ولكن أن يبقى آلاف الفلسطينيين خلفها لعدم سماح إسرائيل بإدخالهم فإن الصمت هو لغة الإدارة الأمريكية وأعوانها، أليس ذلك جزءا من ديمقراطية بوش التي وعدنا إياها؟! |