حين وقف الدكتور أحمد الخطيب وسط الجموع الشبابية والطلابية مذكرا بدورهم في حماية الدستور الكويتي، منبع كرامتنا، لم يقف من أجل مكسب سياسي، أو حملة انتخابية أو طموح وزاري أو قيادي، وإنما وقف وقفته تلك إدراكا منه للدور الذي لعبه الدستور في كيان الكويت كدولة حديثة ومتحضرة·
وقف وقفته تلك دفاعا عن أهل الكويت - وهو منهم - من السياسيين المخضرمين الذين كان لهم الدور الأول في نقل الكويت من القبيلة الى الدولة لأولئك الذين يعود لهم الفضل الأول في إيجاد الدستور وعلى رأسهم المغفور له الشيخ عبد الله السالم، الذي رفض إلا أن يشاركه الشعب في رسم مستقبل الكويت، وإدارة قراراته ومشاريعه· الشارع الكويتي بدا متيقنا بأن هنالك مشروعاً ما لتجاوز الدستور، ولتهميش التجربة الديمقراطية الكويتية بصورة أو بأخرى، ولم تخفف تصريحات المسؤولين من انتشار هذا الهاجس بين المواطنين· بل على العكس من ذلك تماما، ففي كل مرة يخرج علينا مسؤول في الدولة نافيا كل ما يثار ومطمئنا بأن ذلك لا يعدو كونه إشاعات لا حقيقة لها على أرض الواقع، تزداد شكوك المواطن في جدية الحكومة بمسؤوليها فيما يتعلق بالمحافظة على إرثنا الديمقراطي ودستورنا، خاصة في ظل تكرار الانتهاكات التي طالما اقترفها البعض بحق الدستور والتجربة الديمقراطية·
الحديث الذي يدور حول حل مجلس الأمة، وعما إذا كان حلا دستوريا أم لا؟! وأيضا عن طبيعة التغيير أو التحوير الذي سيطال الدستور في حال ثبتت الرؤية لما يتعلق بتغييرات جوهرية محتملة في الشكل العام للدولة، هو حديث أصبح يتردد في كل المجالس، إلا أن هنالك من يشكك في أي من تلك الاحتمالات وخاصة الآن في ظل الحديث عن المشروع الأمريكي لدمقرطة المنطقة، ولكون الكويت إحدى المحطات البارزة فيما يتعلق بالممارسة الديمقراطية· بمعنى أن أي عبث بالديمقراطية الكويتية سيقابله حتماً رفض أو تنديد من قبل الإدارة الأمريكية·
لكن تطورات الأحداث في المنطقة تبدد وبكل أسف مثل هذه التطمينات، فالحماس الأمريكي لدمقرطة المنطقة ومشروعها الرامي الى تبرير تواجدها العسكري وذلك من خلال التركيز على نشر الديمقراطية والحريات، قد خف بريقه وأفل من تدهور الوضع في العراق، ومؤخراً أثار محللون سياسيون أن برنامج الديمقراطية الذي تبنته إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش والذي فقد قوته حتى قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، سيحتل مكانة أدنى في قائمة الأولويات، وإن وزارة الخارجية الأمريكية قد خففت من وتيرة حديثها بهذا الصدد بشكل ملحوظ، وإن الأسباب التي من أجلها ذهب الأمريكان الى العراق لم تتعلق كثيرا بالديمقراطية، ولكن كان عليهم العثور على سبب للقيام بذلك!
إن إرثنا الديمقراطي أمانة في أعناقنا جميعاً·· وأي نوايا أو محاولات للعبث به لابد وأن تؤخد على محمل الجد، وعلينا أن ندرك جميعا أن كل مشاكلنا وأزماتنا تعود لعدم قناعة البعض بالديمقراطية والحرية كنهج لبناء الأرض والمواطن، وأن ما يثيره الدكتور الخطيب وغيره هو بداعي حماية هذا البلد وأهله وليس لإثارة الفوضى كما يسعى البعض لأن يروج ولأن قوة الكويت وكما قال حكيمها "تكمن في دستورها لا بحد السيوف"!! |