دائما نقرأ ونسمع، يقول المفكر الألماني فلان، يقول المفكر الإنكليزي فلان، يقول المفكر المصري فلان·· إلخ·
ولكن هل سمعتم أو قرأتم من يستشهد برأي مفكر ويقول كما يقول المفكر الكويتي فلان!
سؤال مهم وجوهري، فلماذا لا يوجد لدينا في الكويت مفكرون يستطيعون إنتاج أفكار لها وزنها وتأثيرها الإيجابي على الصعيد المحلي ومن ثم تصدر عالميا كي يستفيد منها كل بني البشر بعد أن أثبتت جدواها محليا؟
الله خلق البشر وجعل فيهم قدرات كامنة، ولكن هناك من يستخرج هذه القدرات ويترجمها لأفكار وأفعال كما فعل أينشتاين وأديسون ونيتشه وديكارت وماكس فيبر وغيرهم في مجالات متعددة، وهناك من تظل طاقاته مدفونة حتى يدفن هو في قبره دون أن يستفيد من الجواهر التي ولدت معه·
كلنا نعلم أن الإنسان في سويسرا هو نفسه الإنسان في الصومال وفي اليابان وغيرها من الدول، ولكن ما يميز السويسري عن الصومالي هي البيئة التي يعيش فيها وما تتضمنه من نظام وأخلاق وأفكار ومبادئ والتي تجعله يخرج طاقاته وإبداعاته ويحولها لمناهج عمل تساعد على جعل الأرض ومن عليها مكانا أفضل للعيش·
لدينا في الكويت كل الإمكانيات التي تجعلنا ننتج مبدعين ومخترعين ومفكرين اقتصاديين واجتماعيين وفي كل الحقول، لدينا حرية سياسة واقتصاد قوي ولا تكاد تجد للأمية أثر، والغالبية الساحقة متعلمة، ولدينا مؤسسات مجتمع مدني وجمعيات نفع عام ونعم وخيرات وأمور كثيرة نحمد الله عليها، ولكن ما الذي ينقصنا؟
الكثير من المواطنين يركزون دوما على السلطة التنفيذية والتشريعية بأن تتحمل مسؤولية كل شيء، ولكن لم يركزوا على مؤسسات مهمة تلعب دورا جوهريا في المجتمع، ألا وهي مؤسسات المجتمع المدني وخاصة النقابات وجمعيات النفع العام·
لنسأل أنفسنا سؤالا، كم جمعية نفع عام تلعب دورها التي أسست من أجله؟ كم جمعية نفع عام وضعت إعلانا في الصحف، ودعت كل المبدعين الكويتيين والمثقفين كي يستفيدوا من مرافقها وإمكانياتها بدعم أفكار هؤلاء المبدعين والمثقفين وبرامجهم كي تتحول لنتائج عملية على الأرض تؤثر إيجابيا في المجتمع·
ألا تلاحظون أن الكثير من مجالس إدارات جمعيات النفع العامل لا تتغير ودوما تفوز بمجلس الإدارة، ولكن هل تغير شيء، هل هم يمتلكون قدرات خارقة كي تكون هذه المؤسسات المدنية التي جعلتها الدولة للنفع العام حكرا على بعض الأفراد وكأنها أصبحت ملكا شخصيا!
إذا أردنا التطور فعلينا أن نركز على عدة أمور منها تفعيل جمعيات النفع العام وإتاحة الفرص للطاقات الشابة من أبناء هذا الجيل كي يلعبوا دورا فاعلا في تنمية مجتمعهم، ولا ينبغي على الحرس القديم أن يأخذ زمانه وزمان غيره ويجعل هذه المؤسسات كبئر معطلة وقصر مشيد، فقط مبان دون إنتاج، دون لعب أي دور فاعل في المجتمع، كما أننا نحمل السلطة التنفيذية والتشريعية مسألة الإصلاح والتنمية والقضاء على الفساد بمختلف أنواعه وعلى جميع الأصعدة، ينبغي أيضا إصلاح مؤسسات المجتمع المدني، وبعدها سوف نلاحظ كيف أن الإبداعات سوف تتفجر في كل المجالات وتبدأ الأفكار الإيجابية بالظهور وتتحول لمناهج عمل تساهم في تنمية الكويت وجعلها نموذجا إيجابيا يحتذى فيه في النادي الدولي·
Machaki5000@yahoo.com |