مؤسس الفلسفة النقدية الألماني عمانويل كانت Immanuel Kant كان يؤمن بأن النقد هو أحد الأسباب الرئيسة لتقدم وتطور الأمم، بالتالي السياسي أؤ الكاتب الصحافي أو أي شخص آخر غيور ومهتم حينما يمارس دوره الوطني في انتقاده لبعض الأمور المعوجة في أوساطنا وفضح السراق لخيرات البلد يعد ذلك من صميم أعمالهم وواجباتهم، بيد أنه من المؤسف تماما أن تلك الأعمال الجليلة بدلا من أن يشكروا عليها تعد في ميزان ومفهوم بعض البسطاء والدائخين بأنها نوع من النميمة والتطفل؟! ولتوضيح أكبر يعني عندما يتملص بعض نواب الأمة في تصديهم لسراق المال العام ومراوغة البعض الآخر منهم بحجج واهية مثلا: (سرقة الناقلات والاستثمارات هي مجرد تصفية حسابات!) أو (لماذا الانتقائية ولماذا لا يتم فتح ملفات أخرى للفساد؟·· نقول (لهم يا الله على أيدكم يا دنكشوتات) لذلك نتساءل هل علينا كمتابعين للشأن العام ألا نضيع من وقتنا ونلتزم السكوت ونلجم أقلامنا حتى لا نتهم بأننا نقوم بالنميمة وتأليب المواجع وإشاعة الفتن؟! منطق عجيب وغريب، أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس؟ يقول المثل: (من تصدى للرئاسة والقلم فعليه بسعة الصدر)· فلذلك النائب والسياسي آراؤهم ومواقفهم معرضة للنقد والإيجاب، ولا خير فينا حينما نسكت عن المقصر ولا خير عندنا عندما لا نمتدح ونثني على الجيد منهم، فما قام به النائب الحريص محمد الصقر في جلسة يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي يعتبر قمة في العطاء والجسارة، إذ كشف وشرح بوعبدالله وللملأ عن تفاصيل دقيقة ومهمة في مسألة السرقات، ومحاولة اغتيال الأستاذ عبدالله النيباري، وسياسات تلك الصحيفة اليومية من خلال إثارتها للفتن الطائفية والعنصرية وضرب الاقتصاد، وتأجيج علاقات بلدنا الحبيب مع دول الجوار وباقي الأقطار العربية عن طريق مانشيتاتها السيئة· المضحك والمبكي في الآن نفسه، عندما يظن البعض بأن ما قاله النائب محمد الصقر من على منصة مجلس الأمة مغلفا بشيء من الشخصانية والتهور، وإذا كان التهور منقصة فلنقرأ عبارة لأرسطو طاليس يقول الحصيف: إن الجبن والتهور رذيلتان ولكن الأكثر رذالة فهو الجبن"· ويقول الأديب عباس العقاد: "يا أخي اختاروك لتكون بطلا على المسرح، فلا تقفز الى صفوف المتفرجين، ربما مقاعد المتفرجين مريحة، ولكن الذي له دور، هو الواقف على خشبة المسرح، فأدرك نفسك قبل أن يفوتك كل شيء"· مقولة المرحوم العقاد: نوجهها لبعض النواب المتقاعسين من الذين آثروا السلامة على مواجهتهم للأشرار والفساد ونقضهم للعهود والقسم بالحفاظ على أموال الأمة ومصالحة· أما ثالثة الأثافي فما نسمعه بين حين وآخر في مجالسنا ومقر أعمالنا حول إطراء البعض لأشخاص يجدون بأنهم مثاليون ومتميزون عن غيرهم فقط لأنهم في حالهم ولا لهم شغل بأحد، فهم من البيت الى المسجد والى أماكن أعمالهم، نقول لهؤلاء هل ذلك يكفي ويؤدي الغرض؟ ألم يقل رب العالمين في محكم كتابه (ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير)، وألم يأمرنا الله بالأمانة والصدق والتصدي للمفسدين والطغاة؟ أم أن الحياة أكل ومشرب ومرح وسعادة وراحة بال فقط حتى القبر؟ أين رسالة كل منا وواجباته تجاه نفسه وأسرته ووطنه؟ يا سادة إن الحياة جد واجتهاد وعمل وتضحية، وغير ذلك فنحن أموات وسط أحياء من المخلصين والمثابرين، فلنعمل جميعا شيئا يخلد في صفحات تاريخنا وإنجازاً نعتز به عند الآخرين·