رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 مايو 2007
العدد 1773

تسونامي السكري
مريم سالم

المراقب للأخبار والتصريحات التي تصدر عن الجهات الصحية المسؤولة في دولة الإمارات والتي تتناول تحديدا موضوع انتشار مرض السكري في الدولة، يدرك أن هناك نسبة غير متوقعة لمرضى السكري قد تهدد بتحول هذا المرض إلى ما يشبه الوباء، وهذا ما أعلنت عنه مؤخرا وزارة الصحة على هامش اتفاقيتها مع كلية هارفارد الأمريكية، التي أنيطت بمهمة إجراء دراسة ميدانية حول المرض، وكيفية مواجهته من خلال التعاون مع المؤسسات الصحية·

وأظهرت دراسات أجريت في الإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت وعمان أن معدل الإصابة بهذا المرض بين مواطنيها يعد من بين أعلى 10 معدلات في العالم (9.4 في المائة في عام 2007) ولعل النسبة في دولة الإمارات هي الأكثر ارتفاعا إذ تأتي في المرتبة الثانية عالميا من حيث ارتفاع نسبة الإصابة بمرض السكري·

ومن المزمع أن يعقد في الخامس من الشهر الجاري "مؤتمر السكري·· الأبحاث والوقاية والعلاج" التي تنظمه هيئة الصحة في أبوظبي بالتعاون مع جهات طبية أخرى ويهدف إلى إجراء مزيد من البحوث والدراسات لمعرفة أسباب انتشار المرض في الدولة وعلاقة ذلك بالجينات، وإذا توقفنا عند هذه الأخبار والتصريحات سنلمس عمق القلق الذي يشعر به المسؤولون الذين يقرؤون النسبة الخطيرة للإصابة بداء السكري في الدولة، والأبعاد المترتبة على هذه الإصابات التي تتحول عند البعض إلى معاناة يومية قد لا يشعر بها إلا المصاب، إلى جانب ما تتكبده الدولة من خسائر سواء للعنصر البشري الذي هو لبنة البناء في هذا المجتمع أو حتى من حيث ضخامة توفير الأدوية المناسبة لمرضى الدولة، ناهيك عن الأمراض التي تنبثق عن مرض السكري والتي لا تعد ولا تحصى أبرزها الفشل الكلوي الذي يشكل أخطر الآثار المترتبة على استخدام أدوية السكري بخاصة حين تكون الإصابة منذ الصغر حيث شخصت بعض إصابات الأطفال على أنها من الحالات شبه المستعصية، والتي تسمى بالسكر غير المستقر والذي يظن بعض الدارسين أن أسبابه يرجع إلى فيروس بينما يعتقد آخرون أنه قد يكون ناجماً عن تلوث في الهواء أو عن تناول مأكولات، وعلى وجه التحديد الحلويات والسكريات·

وإذا عدنا إلى الحديث عن الأخطار التي ترافق مريض السكري سنضع أيدينا على مشاهدات مفزعة وصلت إلى حد فقدان البصر وبتر الأطراف والعجز الجنسي، ولعل هذا ناتج عن الإهمال الذي يضع المريض في مرحلة اللاعودة مع هذا المرض الفتاك الذي يزحف إلى الدماء دون أن تشعر به الأجساد ويتسلل إلى كل خلية سليمة ليمرضها، بل البعض يجهل تماما إصابته بالمرض وأحيانا تلعب الصدفة دورا في اكتشاف مرضه، وبخاصة الأطفال الذين يظل بعضهم يعاني دون أن يدرك الأهل إصابته بالسكري، حتى تتفجر الحقيقة بسقوط الطفل مغشيا عليه أو مصابا بالقيء المتواصل، مما يفتح النار على أسلوب التغذية الصحية التي تمارس في البيت والتي تمثل جزءا من المشكلة الأساسية في الإصابة بالسكري بخاصة لدى الأطفال إذا استبعدنا عامل الإصابة به منذ الولادة نتيجة إصابة الأم الحامل·

والتغذية السيئة التي يمكن مشاهدتها في هذه الأيام هي تغذية المطاعم السريعة، وسد الأفواه بكميات من الحلويات والمشروبات الغازية وقلة الحركة بإطالة جلوس الطفل أمام التلفاز، إضافة إلى الاعتماد على المربيات لإطعام الطفل دون أن يتسنى للأم معرفة الكميات التي تعطى له، والنتيجة وقوع الطفل عرضه لهذا المرض دون أن تعي الأسرة مسؤوليتها تجاه فلذات أكبادها وحمايتهم من سوء الغذاء المقدم لهم·

على عكس ما يمكن أن يكون إذا كان سلوك الأسر والأفراد نابع من وعي تام بأبعاد النسبة الخطيرة للإصابة بالسكري في الدولة، والتي من المتوقع أن ترتفع كما أشار أحد المسؤولين في حالة إهمال هذا الموضوع وتركه من دون علاج ونقص خطة توعية شاملة إلى 30 في المائة من عدد السكان في عام 2010، ولعل هناك عوامل لإنجاح أية حملة توعوية تهدف إلى مكافحة مرض بعينه أهمها تحريك الرأي العام بكافة شرائحه نحو الآثار المأساوية المترتبة على مريض السكري لأن الحد من ارتفاع النسبة يكمن بالدرجة الأولى في الوعي الصحي نحو كل ما نتناوله من نوعية وكمية، هذا إلى جانب زيادة الوعي في ممارسة الرياضة ولا سيما رياضة المشي التي يمكن أن تقضي على المرض في مهده وبخاصة النوع الذي يعتمد على الحمية الغذائية، ولعل لب المشكلة في مجتمعنا يتجسد في اضمحلال ثقافة المشي وعدم التشجيع على ممارستها بعكس المجتمعات الأخرى والتي يقضي الفرد حياته متنقلا بين شوارعها مشيا مما كان له الأثر في زيادة متوسط عمر الفرد، ناهيك عن محاربة الإفراط في تناول الوجبات السريعة التي لا بد أن يتكاتف المجتمع لإفشال هذه المشروعات المضرة بالكبير والصغير الذي فقد نتيجة انتشارها المناخ الأسري الذي يتحلق حول مائدة الوجبات وأصبح الفرد أنانيا متوحدا ومنفردا حتى في الأكل·

لا بد أن يكون هناك دور للمدرسة كما للبيت بل لا بد أن يمتد هذا الدور ليصل إلى كل المؤسسات العامة منها والخاصة للإحاطة بهذه المعلومات التي توفرها الهيئات المعنية في الدولة والتي تعمل لنشر التوعية المطلوبة بأدوات لا تزال غير فاعلة مع تزايد نسب الإصابة بالسكري ونسبة عدد الوفيات به التي تتراوح ما بين 2.1% و3.1% من مجمل الوفيات في السنوات العشرة الأخيرة·

 إذن المسؤولية مشتركة ولا يمكن إسقاطها عن كافة شرائح المجتمع والشخصيات الاعتبارية التي تمثله، لأن لدى الدولة تحديا كبيرا لتقليص هذه النسبة ولعل تحديها الأكبر هو أن المرض يتفشى كما لو كان مرضا معديا وهنا تكمن خطورة الأمر فلا يوجد لدى الدول سلاح يمكن أن يقضي على السكري أسوة بالطعوم والتحصينات التي يتناولها الطفل منذ ولادته، كما ليس لديها عصا سحرية يمكن استخدامها في محاربته، لذا يبقى العنصر البشري ومدى وعيه هو السلاح الأكثر أهمية في الحد من هذا الوباء أن صح التعبير، ولا يمكن تصور الحياة مع هذا المرض بخاصة مع المنغصات التي ترافق مريض السكري، والتي تحول بينه وبين الاستمتاع بتناول ما لذ وطاب دون أن يبقى نفسه محاطا بالرقابة الذاتية، وهذا بيت القصيد حين تظل المعدة بيت الداء·

�����
   

عندما غضبت سيغولين رويال:
الدكتور محمد سلمان العبودي
تسونامي السكري:
مريم سالم
اللغة العربية في جامعاتنا العربية:
د. لطيفة النجار
تطوير العقول أو تغييرها:
د. فاطمة البريكي
يا أولمرت أهدم هذا الجدار:
عبدالله محمد سعيد الملا
"الله بالخير" بوصلة الهم العام:
سليمان صالح الفهد
رئيس يفقد شعبيته:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
غرق ملف الناقلات؟!!:
سعاد المعجل
معركة الشرفاء:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
الوطنية و حلبة الصراع من أجل السلطة:
فهد راشد المطيري
ولدك يخرّب عليك أكثر:
على محمود خاجه
الكويتي المبدع والمفكر:
فيصل عبدالله عبدالنبي
الاغتياب والجبن والصمم:
محمد بو شهري
وداعاً للعاطفة... الحل هو العقل؟!:
د. محمد عبدالله المطوع
مكافأة مخالفي الإقامة:
المهندس محمد فهد الظفيري
دروس من تقرير (فينوغراد)-1:
عبدالله عيسى الموسوي
تجري الحريات بما لايشتهي مجلس الوزراء!!:
فاطمة محمد أيوب*
للمال العام حرمة..
يا نواب الأمة:
محمد جوهر حيات
لا تُعْطني دولاراً..
وبعدها تأكُلْني!:
علي سويدان
ثقة المواطن وديمقراطية الحكومة:
أحمد سعود المطرود
تطوير العقول أو تغييرها:
د. فاطمة البريكي