كم تكون الدنيا جميلة وذات قيمة كبيرة عندما يحيطها مناخ الحرية، إن الحرية الحقيقية والأصلية هي من عند الله الواحد القهار، ومنذ نشأة الخليقة والبشرية تسعى الى الحرية بمختلف الوسائل، منها على سبيل المثال: إلقاء الخطب الكلامية أو إدارة النقاشات، أو عن طريق التجمعات الاحتجاجية· معظم الأنام يحلمون ويبحثون عن الحرية وكل بطريقته ومفهومه الخاص كون طبيعة ثقافة الحرية متباينة ومتفاوتة من شخص الى آخر وهناك أيضا حرية الثقافة الجماعية الموحدة، ولا شك في أن كل جماعة لها حرية اختيار نوعية الثقافة التي تفصل الحرية على مقاساتها ومآربها المصلحية وتغلفها بالمبدأ والحق كي تخدع وتجذب بعض البسطاء بالانضمام إليها لتمتص طاقته وتجردهم من عقولهم حتى تصبح من الإمعات "Yes Man" والويل والثبور لمن يختلف مع تلك الجماعات الظلامية بسبب آرائه الحرة والمجردة·
إن الأمم الحية التواقة للحرية لا ترضخ ولا تيأس من حق المطالبة بالحرية وبممارستها حسب الأسس والقواعد السليمة لتنقلها لجيل بعد جيل ثم تطورها لمفاهيم جديدة دون الإخلال بمضمونها الأصيل لتواكب كل عصر، لذلك كل امرئ منا عليه واجبات تجاه نفسه ومجتمعه من خلال تطوير مفهوم الحرية لديه ولدى المجتمع الذي يبحث عن التعددية في طرح الآراء الجريئة والاختلاف بالرأي·
إن الحرية التي لا تشوبها أي شوائب أو خزعبلات موروثة أو مكتسبة تعد هي الضامن الحقيقي للحرية الصحيحة الفارة من دياجير الجهل والتخلف، وإيماننا وتمسكنا بالحرية يجعل مجتمعنا محصناً من الأفاقين الذين دأبوا على إرعاب كل من ينادي بها أو يحمل لواءها، ولكن هيهات أن يرضخ الأحرار أو يستسلم لهؤلاء المتواطئين والأعداء لكل نفس حر يطالب بالإصلاح ومكافحة الفاسدين، وإذا كان هؤلاء المراوغون يتحججون أو يحذرون بأن للحرية مسؤولية نقول لهم والى من يدور في فلكهم المسؤولية هنا تعني بأن كل صاحب رأي عليه أن يتحمل تبعات أطروحاته ومعتقداته والمجتمع عليه أن يفرز الغث من السمين·
الى متى هذه الشراكة؟
لا يختلف اثنان على أن وزارة الصحة باتت في السنوات الأخيرة من الوزارات التي يكثر عليها اللغط والنقد من حيث الإهمال، والقصور بحياة البشر وبالتالي عندما يتم استجواب أحد وزرائها أمر متوقع كالذي حصل للشيخ أحمد العبد الله ومن قبله الدكتور محمد الجار الله، ولكن الذي لا نفهمه هو أنه كيف يمكن للسلطة التنفيذية أن تحمي أحد أفراد طاقمها من طرح الثقة من خلال عقدها لصفقة مع جماعة وقفت ضد تحرير بلدنا الحبيب، وعودة شرعيته إبان الغزو الصدامي؟
الطامة الكبرى أنه بالرغم من كل الصلاحيات والامتيازات والعلاقات الحميمة التي منحتها الدولة للجماعات الأصولية بمختلف أطيافها، إلا أن كل ذلك لم يشفع لها ساعة الحزم والحاجة إليها، وحينما نستحضر التاريخ نجد أن الرئيس المصري الراحل أنور السادات تعاون كثيراً مع الجماعات الأصولية وفي تاريخ 6 أكتوبر 1981 كانت هناك احتفالية كبيرة في القاهرة لذكرى حرب أكتوبر تحت رعاية الرئيس السادات والذي تم تحذيره مراراً بعدم المشاركة وحضوره سوف يكون انتحاراً، لأن الجماعات المتطرفة عقدت النية على اغتياله، إلا أنه أصر وقال بأن هؤلاء "أولادي" فحصل ما حصل·
على أية حال ما جرى للسلطة التنفيذية إثر استجواب أحمد العبد الله لعله خير ويصب في مصلحتها كي تراجع نفسها جليا بحل تلك الشراكة الممسوخة و"المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين"·
freedom_2002_33@yahoo.com |