تشترك الكويت مع شقيقتها البحرين في أكثر من معلم، فهما تتميزان عن دول الجوار بكونهما أول دولتين تخوضان فعلياالتجربة الديمقراطية التمثيلية أو البرلمانية، بالإضافة الى كونهما البلدين الوحيدين اللذين يعملان وفقا للقضاء المدني·· ولديهما بالفعل محاكم مدنية حقيقية·
كما أنهما - أي الكويت والبحرين - تعرضتا لمحاولات عديدة من السلطة لتخريب أو تزوير التجربة والممارسة الديمقراطية·
التجربة الديمقراطية الكويتية بدأت بانتخابات مجالس بلدية، وجمعيات ونقابات وغير ذلك من وسائل التحول المدني في شكل الدولة بشكل عام، قبل أن تثمر الممارسة عن أول تجربة ديمقراطية تمثيلية في العام 1963·
وكذلك كانت بداية التجربة الديمقراطية البحرينية، فقد انتخب البحرينيون في العام 1919 أول مجلس للبلدية، وكذلك كان حال مجالس التربية والصحة والتي انتخبها البحرينيون في العام 1956، وذلك قبل أن تخوض البحرين تجربتها الديمقراطية التمثيلية في العام 1973·
لم تخل انتخابات 2006 من بعض الشوائب، أحدها كان في إصرار الحكومة البحرينية على فتح مراكز اقتراع عامة للانتخابات في غير المواقع الانتخابية· بالإضافة الى بعض المشاهد المؤذية لتنافس غير شريف على الإطلاق بين المتنافسين، قادة التيار الديني السني الذي لم يتوقف عن التشهير ببعض المرشحين، واتهامهم في وطنيتهم·
نتائج الانتخابات البحرينية جاءت ولاشك منسجمة جدا مع الشكل العام للمجتمع البحريني، لذلك فقد كان من المنطقي جدا أن تكون الهيمنة من نصيب جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيعية، فالوجود الشيعي الكثيف في البرلمان أمر طبيعي جدا ويعكس حقيقة تركيبة البحرين·
واقع التوزيع الشيعي / السني في المنطقة، وخاصة في البحرين والعراق، كان ولا يزال يشكل أرقا لدول مجاورة كثيرة، سواء من داخل الأنظمة والحكومات، أو على المستوى الشعبي وداخل أطياف المجتمع، والمخيف في الأمر هنا، أن البعض أصبح لا يتوانى عن استخدام مصطلحات عنيفة، تشوبها في أحيان كثيرة لهجة تهديد ووعيد واضحة، وتلك مسألة في غاية الخطورة خاصة في ظل الانفلات الأمني المرعب في العراق·
قد يكون الوضع مختلفا بعض الشيء في الساحة البحرينية، لكنه لا يخلو من مخاطر ستتضاعف حدتها ولا شك إذا ما أصر البعض على إجهاض الحقوق علي أساس طائفي بحت، أو إذا ما اعتبر ذلك البعض أن اكتساح المعارضة الشيعية في الانتخابات البحرينية الأخيرة هو (مد شيعي) وذلك بدلا من الإقرار بكونه وجودا شيعيا طالما كان راسخاً في التركيبة البحرينية·
أمام البحرين اليوم معركة حقيقية بخلاف معركتها الأصلية مع الإصلاح، تتلخص في ضرورة الحفاظ على البحرين من تداعيات العبث بالتركيبة الطائفية في العراق، خاصة في ظل تلويح البعض بضرورة تزويد قادة المسلمين السنة في العراق بالمال والسلاح، وتشكيل كتائب سنية لمقاتلة المليشيات الشيعية فيه·
نبارك للشقيقة البحرين انتخاباتها النزيهة·· ونتمنى على البرلمان بشقيه الشيعي والسني·· أن يتركز الجهد فيه على إعادة النصاب لدستور 1973 بصورة تحقق المزيد من المكتسبات للبحرين وللمواطن فيها·· قبل أي شيء آخر·
suad.m@taleea.com |