| لعبت السينما دورا رئيسيا في الإرشاد والدعاية وذلك إبان الحرب العالمية الثانية، وقد ساهمت "هوليوود" عاصمة السينما آنذاك في الترفيه عن الجنود والشعوب، وأيضا في خدمة الأنظمة السياسية المتصارعة في ذلك الوقت، كما جسدت آلة السينما وشاشتها الكثير من حوادث وخفايا الحرب من خلال الأفلام الروائية، أما بعد الحرب، فقد انهمكت سينما هوليوود في تسجيل حياة المجتمعات ومشاكلها، فظهرت بذلك أولى تجارب سينما الواقع التي أصبحت تصور في موقع الحدث وبين الناس البسطاء، بدلا من التصوير داخل الاستديوهات المجهزة، وانطلقت إثر ذلك السينما التي تحاكى الواقع وتسجل مشاكل الناس، بحيث أصبح تركيز السينما الأوروبية والأمريكية على هموم الناس وقضاياهم مما ضاعف من أهمية السينما، ورسم دورا جديدا لسينما ما بعد الحرب·
السينما العربية، شأنها شأن الأمريكية والأوروبية، كان لها كذلك دور بارز في تسجيل الملامح السياسية والاجتماعية للمجتمع العربي، وتاريخ السينما العربية حافل بالأفلام التي تحاكي الواقع وتصور أحداثه ومحطاته المهمة من خلال الأفلام الروائية، ونحن حين نتحدث عن السينما العربية فإننا نعني هنا السينما المصرية والتي انفردت منذ عشرينيات القرن الماضي بكونها الرائد في هذا المجال، باستثناء بعض الإسهامات من لبنان ودول المغرب العربي·
اليوم، أصبحنا نتحدث عن سينما خليجية، وهي وإن كانت متواضعة جدا في مخرجاتها، إلا أنها قطعا ليست كذلك حين يتعلق الأمر بالأفلام الوثائقية والتسجيلية، وحيث كان لمبدعين سينمائيين كويتيين مثل "عبدالمحسن حيات" إسهامات رائعة في أفلام مثل "حرب الشوارع" و"الفارق واحد في المئة" وغيرها الكثير كما اقتحم المخرج "العوضي" مجال العالمية وقدم "المخيال" أفلاما وثائقية تحاكي الأفلام العالمية في إخراجها وتصويرها·
مؤخرا·· سنحت لي الفرصة لمشاهدة إبداع كويتي عن قرب·· وذلك حين حضرت عرضا لفيلم "عندما تحدث الشعب" للمخرج "عامر الزهير" يتناول المعركة التي خاضتها المرأة الكويتية في سبيل المطالبة بحقوقها السياسية، قدم الفيلم سردا تاريخيا مصورا لدور المرأة في بناء المجتمع الكويتي منذ حقبة الغوص والتجارة·· ووصولا الى قبة البرلمان، ولم تكن مسيرة سهلة على الإطلاق، فإصرار المرأة منذ خمسينيات القرن الماضي على التمتع بدورها كاملا غير منقوص، هو الذي أدى الى كل ما تتمتع به المرأة الكويتية اليوم من حقوق وعلى كل الأصعدة، تمنيت لو أن المخرج "عامر الزهير" قدم في فيلمه الوثائقي بعض المحطات والرموز النسائية التي سجلت مساهماتها الخطوات الأولى في مسيرة المرأة النضالية·
تبقى للصورة خطوة فوق الكلمة، فالصورة كما يقولون خير من ألف كلمة، ولا شك بأن الصور التي قدمها المخرج الكويتي "عامر الزهير" في فيلمه "عندما تحدث الشعب"، قد لخصت مجلدات من الكلمات الصادقة في رسم صورة حية لمسيرة المرأة النضالية·
suad.m@taleea.com |
