تعديل الدوائر أخذ بعدا غير البعد المأمول والمرجو من التعديل كون الأمر أصبح كرة ثلج تتدحرج من الأعلى للأسفل وتكبر ولا تترك شيئا في طريقها إلا أنزلته معها للقاع!
لماذا نحن في الكويت نناقش دائما قضايانا بروحية الأعداء والمتربصين والمشككين؟ هكذا نقاش وحدة في الطرح وإساءة للآخر وتشكيك في نواياه لا يمكن أن يخلق رأيا عاما حرا وحقيقيا حول المسألة والقضية المطروحة بل على العكس يخلق حالة من الحذر والتوجس والتعصب وعدم الفهم وبالتالي سقوط قضايانا في بحر من التأجيل وعدم اتخاذ القرار وبقاء الوضع على ما هو عليه، وهذا هو سبب تخلفنا عن باقي الدول المحيطة بنا، لأن صناعة القرار لدينا تمر بظروف وطرق متعرجة غير معبدة لا تسلم من التدخلات من هنا وهناك، كل يحاول أن يصدر القرار في مجمله لصالحه فقط دون إحساس بمسؤولية وطنية تجاه الوطن ورفعته وتقدمه·
لماذا نبحث في الماضي ونجعله داعما لمواطنتنا وولائنا ولقضايانا اليوم؟ وما النتيجة والهدف من ذلك، أمن أجل كرسي ومصالح انتخابية ضيقة لمجموعة أشخاص يتم التلاعب بمشاعر المواطنين ودغدغة عواطفهم واللعب على أوتار القبلية والطائفية والعائلية؟! ليس ممثلو بعض القبائل هو من يطرح مثل هذا الطرح فقط، إنما هناك ممثلو بعض العوائل أيضا تحرم على الغير الدخول في مناطق تعتبرها حمراء لا يحق لأي مواطن كويتي آخر الدخول إليها وهي بحكم التاريخ والجغرافيا باعتقادها مقصورة عليها·
الوقت تغير والعالم تطور وحقوق الإنسان في أوج عظمتها ونحن مازلنا على ما كنا عليه من قبل ننظر بمعيار الأصل واللون والجنس ومن أتى قبل الآخر ومن حصل على الجنسية قبل الآخر يهضم حق من يأتي من بعده، أي كمية من الحقد والكراهية والحسد هذه التي نعيشها والمشكلة أننا كما يقال مجتمع محافظ متدين ملتزم، فهل المحافظة والتدين والالتزام تعني إقصاء الآخر أو هل تعني العنصرية؟! أو هل تعني التشكيك في ولاء الآخر؟!
إذا الوضع شائك ومعقد وهنا لا بد أن يكون للحكومة دور ريادي غير مسبوق وهو أن تضع تصورها حول تعديل الدوائر بما يخدم المصلحة العليا للوطن وليس لأطراف وتنظيمات وأحزاب وقبائل وعوائل وطوائف محددة ومعينة ومفصل لها مثل هذا التوزيع، وليبك الانتهازيون والمنتفعون على أطلال الماضي ولينته عصر شراء الأصوات الى الأبد·
nayef@taleea.com |