يشهد الله أن الكويت كانت في عصر ازدهار الثقافة العربية في الطليعة، ويذكر ذلك كل جيل الستينات والسبعينات من المثقفين العرب، ففي سنوات الثقافة تلك أصدرت الكويت سلسلة التراث العربي، حيث كان في مقدمتها مشروع تحقيق وطبع، كتاب "تاج العروس من جواهر القاموس" للسيد محمد مرتضي الحسيني الزبيدي، وقد تعهدت وزارة الإعلام الكويتية بتنفيذ ذلك المشروع الثقافي العظيم قبل نحو أربعين سنة وعهدت بتحقيقه لشيخ المحققين المرحوم عبدالستار أحمد فراج، الذي وافاه الأجل قبل تحقيق كل أجزاء هذا الكتاب، مما جعل وزارة الإعلام تستدعي نخبة من المحققين العرب لاستكمال مشوار عبدالستار فراج·
إن مشكلة هذا الكتاب التي وقعت فيها الوزارة هي: أنها قامت بطبع أجزاء الكتاب جزءا تلو آخر، ومن عيوب هذه الطريقة، أن أجزاء الكتاب الأولى تنفد قبل صدور الأجزاء الأخرى التي تليها، مما جعل بعض دور النشر تقوم باحتكار كميات من الأجزاء الأولى، وتخزينها ثم طرحها للبيع في السوق السوداء بسعر النسخة ثمانية دنانير بينما السعر الذي طبع على غلاف الكتاب هو: سبعمئة وخمسون فلسا، وأصبح المستهلك هو الذي يتحمل فرق السعر·
لقد احتفل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب قبل نحو عامين بمناسبة إنجاز آخر جزء من هذا الكتاب الضخم، علما بأن المجلس لم يبدأ الشروع في إعادة طبع كل الأجزاء التي نفذت من تاج العروس الذي لا يزال الطلب عليه كبيرا، فضلا عن تضييع الفرصة على تجار السوق السوداء للكتاب المتطفلين على أخلاقية وأمانة وصناعة الكتاب في الكويت·
نأمل من السيد بدر الرفاعي أمين عام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، تحقيق رغبات القراء ودور النشر المحلية والعربية في حماية الكتاب من التزوير والتصوير والمغالاة بسعره من بعض المكتبات المشبوهة والضغط على وزارة المالية لرفع البند المخصص في ميزانية المجلس الوطني الخاص بطباعة الكتب، والله يعينكم على مناصرة الثقافة العربية ورفع شأنها لتتجاوز كل التحديات·
yahya@taleea.com |