عندما وجدت مقالتي منشورة بين مجموعة من المقالات الأخرى في "الطليعة" سألت نفسي ما الذي يميز مقالتي عن الآخرين؟ أو ماذا يميز كل تلك المقالات مجتمعة عن بقية المقالات المنشورة في بقية الصحف الكويتية؟ وماذا يميز الأخيرة عن أي صفحة للمقالات في صحيفة عالمية؟
من الواضح أن معظم مقالاتنا لا تحتوي إلا على أسطر مكتوبة تشتمل على عبارات مختلفة من الانتقاد والتذمر وكأنك في حائط للمبكى لا تميز فيه بين نواح امرأة وصراخ أرملة وندب عجوز ولطم منقهر بل كأنك في ساحة الخطباء في حديقة الهايدبارك كل من فيها يبكي على ليلاه ولا يتفقون إلا على موضوع واحد هو الألم والمعاناة والرغبة في التنفيس ولكن ما النتيجة؟
تنتج الصحف والمجلات الكويتية مالا يقل عن 35 ألف مقال سنوياً تختلف فيما بينها في المواضيع وتتفق فيما بينها على النقد، من النادر جداًَ أن تجد مقالاً يمتدح شيئاً ما·
عشرات الآلاف من المقالات تسطر سنوياً وملايين الأحاديث التي تتداولها الدواوين حولتنا إلى "شعوب كلام" تفكر بما لا تتحدث وتتحدث بما لا تفعل وتفعل ما لا تقول·
ليس مهماً أن أمتلك حرية التفكير دون أن أمتلك حرية التعبير وليس مهما أن أمتلك حرية التعبير دون أن أمتلك حرية التغيير، لقد سئمنا الكلام ونريد الأفعال، فهل من يحمل راية التغيير وأكون أول من يؤزره؟
نريد شعباً يمتلك حرية التغيير وحرية التصرف، نعلم تماماً أننا نريد وغيرنا يريد، ولكننا لا نفعل ما نريد، لقد شاب معظم كتاب المقالات المحيطين بمقالتي هذه دون أن يتحقق لهم أن يشاهدوا أي تغيير لما عبروا عنه في مقالاتهم التي سطروها على مر سنين عديدة، فهل سأنضم إلى قافلة المتحدثين والخطباء ويمر الزمن وأشيخ وأجد نفسي مقالاً آخر بين عشرات الآلاف من المقالات الأخرى التي لا تقدم أو تؤخر من حالنا شيئاً؟! |