رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 11-17 رجب 1420هـ -20 - 26 أكتوبر 1999
العدد 1399

بلا حــــدود
الوطنية بين الدم.. والرسوم
سعاد المعجل
suad.m@taleea.com

لقد طغى الحديث عن برنامج الحكومة الإصلاحي والرسوم المزمع فرضها على المواطن، طغى على كل الأحاديث فلم يعد للصحافة ولا للمواطنين حديث سوى جدل الرسوم التي ستكون في أول أولويات البرنامج الإصلاحي، وعزم الحكومة الصارم بتحميل المواطن جزءا من تكاليف الخدمات طبية كانت أم تعليمية أم غيرهما!! وحتى الآن لا اختلاف هنا على الرسوم من حيث المبدأ· فهي أولا تنمي إحساس المواطن بالمسؤولية، وتجعله يقدر ما يحصل عليه من خدمات، بالإضافة الى ما يؤديه ذلك الى إرشاد في استهلاك وفي استخدام تلك الخدمات!!! كما أن المواطن يتفق مع الحكومة على أن الرسوم والضرائب وغيرهما تعتبر وسائل مشروعة تستعين بها كل المجتمعات البشرية في سبيل توفير مصادر دخل إضافية تعينها في إدارة شؤونها وبرامجها!!

إذاً وكما قدمنا، لا اعتراض على الرسوم من حيث المبدأ!! وإنما الاعتراض في ذلك الأسلوب الاستفزازي الذي تنتهجه الحكومة في حديثها عن ضرورة فرض الرسوم!! حيث تصر في كل أحاديثها على تحميل المواطن العبء الأول والأخير في ما آلت إليه الميزانية وخزينة الدولة من تراجع وقصور!! وتجعله المتهم والسبب في ما تعاني منه مؤسسات الدولة الخدماتية من تدن في المستوى وانحدار في الأداء!! حتى لقد اصطبغت لهجة الحكومة بنبرة انتقامية واضحة كانت مسيطرة في كل إعلانات الحكومة حول إصرارها واستمرارها في برنامجها الإصلاحي!!! كان أحدها ما أدلى به مصدر وزاري أخيرا حيث قال: "سيدرك المواطن أن الوظيفة تكليف وليست نصيبه من النفط"!!

لقد أثارت قضية الرسوم، وهي أمر طبيعي جدا بل ومتوقع، أثارت استياء واسعا ورفضا أجمع عليه المواطنون!! وقد كان لكلٍ تبريره الخاص لذلك الرفض· فمنهم من يرفضها لكونها مرهقة لذوي الدخول المحدودة، وهم الشريحة الأكبر في المجتمع الكويتي!! ومنهم من يرفض فيها عنصر المفاجأة ولهجة الحكومة الانتقامية في تبرير الرسوم!! بينما هنالك فريق يرفضها جملة وتفصيلا، لأنه يرى فيها تقشفا مفروضا على المواطن في مقابل بذخ إدارات الدولة العليا ومسؤوليها الكبار وإسرافهم الذي لا يخلو من تجاوزات مالية وإدارية!!

أما السبب الذي يتفق عليه الجميع، فهو ضرورة أن ينعكس أداء الرسوم على الخدمات وهو ما يشك فيه الجميع، خصوصا أن تراجع الخدمات بشكل عام لا يعود الى أسباب مالية، وإنما لأسباب إدارية بحتة لن تقوّمها مساهمة المواطن من خلال الرسوم ما لم يصحب ذلك قرارات جريئة تمس جوهر السياسات الإدارية!! ولعل جولة سريعة في طبيعة المشاكل التي تعاني منها إدارات ومؤسسات الدولة ستؤكد لنا تلك الحقيقة وستدعم الحجة المعارضة للرسوم!! فتدني مستوى الخدمات الصحية على سبيل المثال، ليس بحاجة الى رسوم زيارة أو عملية جراحية أو رسم حشوة أسنان فالوزارة تستهلك (إداريا) الملايين على شؤون لا علاقة لها بالصحة ولا بالعلاج!! وما ينطبق على وزارة الصحة ينطبق كذلك على وزارات الدولة الأخرى ومؤسساتها!!

كان بإمكان الحكومة أن توفر على نفسها كل ذلك الجدل وأن تحتوي الرفض الذي أعلنه الجميع على برنامجها الإصلاحي!! وأن تمنع اشتعال أزمة متوقعة بينها وبين مجلس الأمة، لو أنها كانت أكثر سلاسة وتدرجا في الإعلان عن إصلاحاتها وبرامجها!! فمن الطبيعي أن يواجه مشروع فرض الرسوم كل هذا الاستياء والتذمر من مواطن اعتاد أن يتمتع بخدمات مجانية طوال ما يزيد عن الأربعة عقود!! فمن الصعب إقناع من لا يتجاوز دخله الأربعمائة دينار أن من (شروط الوطنية) أن يساهم في دخل الدولة، أو أن يرفع من أعباء الميزانية!! فعلى الرغم من أن الجميع مدرك بأن المساهمة من خلال الرسوم واقع قادم تفرضه أمور كثيرة، إلا أن الجميع متفق على أن البداية كانت خاطئة!! فبإمكان الحكومة مثلا البدء بفرض رسوم على المعاملات التجارية، أو على العمارات الاستثمارية، أو على الطرق السريعة، أو رسوم مغادرة جوية أو برية!! باختصار بإمكان الحكومة أن تكون أكثر منطقية وأن تلاقي إصلاحاتها قبولا لو أنها بدأت من مجالات بإمكان العاجز عن الدفع أن يتجنبها!! لكن أن تمس البداية أساسيات في حياة كل فرد فيصبح عليه أن يدفع مضاعفا للماء وللكهرباء وللدواء وللأكل وللوقود!! فإن من الطبيعي جدا أن يكون الرفض هو رد الفعل الأول بل والمنطقي!! بخاصة مع محاولات الحكومة إضفاء صبغة وطنية على مساهمة المواطن في توفير الدخل للدولة· وتغليف (واجب) الرسوم بغلاف وطني يكون الخارج عنه أو المعارض والرافض لبنوده مواطنا منشقا لا يكن حبا لهذه الأرض، فاقدا للوطنية وللإخلاص!! وهو بكل تأكيد ما لا ينطبق على أهل هذا الوطن حين دفعتهم الوطنية حقا لأن يدفعوا دما لأرضهم، وليس رسوما وحسب!!

�����
   

الشعب.. لا الحاكم:
محمد مساعد الصالح
درس من باكستان:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
محكمة الكرادلة:
د.مصطفى عباس معرفي
قضية أحمد البغدادي:
يحيى الربيعان
هل الإصلاح ممكن!:
عامر ذياب التميمي
الاقتراع والانقلاب:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الوطنية بين الدم.. والرسوم:
سعاد المعجل
أهلاً بالقيادة العسكرية الباكستانية:
مطر سعيد المطر
الجسر:
عادل رضـا
غصّ بلقمة سيده!:
إسحق الشيخ يعقوب
ليبدأ الحوار بين العراقيين والكويتيين:
حميد المالكي
"الحسبة"... ودولة القانون!:
فوزية أبل