في عبارة مهمة ومعبرة للأستاذ عبدالله النيباري عن واقع الفساد عندنا يقول: (إننا قد وصلنا إلى مرحلة ثقافة التسامح مع الفساد)، شخصيا أزيد على ذلك وأقول: إننا قد وصلنا إلى أبعد من ذلك، فلقد أضحى الفاسد الحرامي شاطرا والنظيف غبيا أو خاسرا للأسف! نعم صار ذلك في مفهوم البعض أو من يسعى للتبرير للفساد المالي والإداري في السنوات الأخيرة وبشكل جلي وكبير، يا لها من مفارقة غريبة ومخجلة، بالله عليكم كيف يمكن أن تستقيم الأمور حينما يكون التهاون واللين بهذا الحجم مع كل فاجر ومتجاوز؟ ان الاستجواب النوعي الذي تبناه المستجوبون لوزير النفط وعلى رأسهم النائب الفذ مسلم البراك وباقي الأحرار من نواب كتلتي العمل الشعبي والوطني يعد نقلة لمسيرة الديمقراطية الكويتية، ولاشك انه في ذلك الاستجواب الذائع الصيت خرجت بعض الأصوات المنددة والمستنكرة بالأخص للمحور الذي راح يستعرض فيه النائب بو حمود صور ذلك الوفد المبعوث لطوكيو من قبل وزارة النفط، حقيقة كل التقدير والإحترام لكل تلك الآراء المناهضة، بيد انه بصراحة لا أعلم إلى متى سوف تستمر هذه الرهافة المتسامحة مع أي شخص أو جماعة تعتدي على المال العام مهما علت منزلتها؟ يا سادة يا كرام إن ذلك الوفد المكون من 13 شخصا سبعة منهم لم يلتزموا ببرنامج المهمة الرسمية التي اوفدوا اليها، فضلا عن ذلك قضوا معظم ايامهم في اليابان بين السهرات الماجنة والرحلات الترفيهية، وعليه هل المطلوب ان يكافأوا هؤلاء بأكليل الزهور ام يتم التستر عليهم؟ ان كنا فعلا ننشد الإصلاح ونود أن نحد من استشراء الفساد علينا أن نمتلك الشجاعة في محاسبة هؤلاء على أفعالهم السيئة وغير المسؤولة، فما حصل ليس من حر أموالهم ولا شأن خاص بحياتهم حتى يتم التعاون معهم، بالتالي على هؤلاء أن يكونوا عظة وعبرة لكل من لا يعتبر في سوء استخدامه لنفوذه وللمال العام·
المتابع لآخر أخبار فضائح كبار المسؤولين حول العالم في الأشهر الأخيرة، يجد أن بول وولفويتز رئيس مجموعة البنك الدولي بعد سلسلة من الفضائح وكان اكبرها حينما قام بزيادة مرتب عشيقته التونسية شاها رضا لم ترحمه آلة الإعلام الى أن اضطر إلى تقديم استقالته بالرغم من تأييد الرئيس بوش وتشيني ورايس له، وأيضا هناك فضيحة توني بلير والتي على أثرها تم التحقيق معه من قبل الشرطة في بيعه للألقاب الشرفية لرجال أعمال لحصد بعض الأموال قبيل الانتخابات العامة في بريطانيا عام 2005·
بعد سردي لهاتين الحكايتين اتساءل هنا: هل ذلك الوفد النفطي الذي كثر اللغط حوله بالرغم من عدم فضحهم بالكامل اثر التمويه المتقن لصورهم وعدم ذكر حتى الاحرف الأولى لاسمائهم ارفع واهم من حيث الاسماء والمهام من الذين اشرت اليهم في تلك القصتين؟ بالتأكيد لا، ربما ثمة سائل يقول: الا تعتقد ان يكون في المستقبل هناك سوء استخدام لفكرة عرض الصور في المجلس من قبل بعض النواب المزايدين؟ الجواب: يحتمل ذلك ولكن النواب المخلصين ومن خفلهم مؤسسات المجتمع المدني وكل حريص بإمكانهم أن يفرزوا الغث من السمين، لذلك نتمنى في القادم من الأيام أن تتم محاسبة دقيقة لكل متجاوز للمال العام حتى يتردد كل فاسد ألف مرة قبل الإقدام على فعلته الدنيئة·
* * *
تحطم إحدى طائرات الكويتية
من المحزن أن تطالعنا الصحف بين فترة وأخرى عن مشاكل وأعطال طائرات الخطوط الجوية الكويتية، بدءا بحادثة رأس الخيمة التي أجبر فيها الكابتن بانزال الطائرة اضطراريا بسبب الخلل في العجلات، ثم عدة اعطال فنية لطائرات أخرى، وفي الشهر الماضي الشرخ الذي حصل لزجاج كابينة القيادة قبيل هبوط طائرة الكويتية في احدى الدول الاوروبية، واخيرا عندما هبطت طائرة الكويتية في مطار الكويت الدولي يوم الثلاثاء الفائت بسبب عطل فني في أحد محركاتها، ناهيك عن الاضراب القائم لمهندسي الكويتية، السؤال المهم والكبير الذي يطرح نفسه: هل علينا ان ننتظر حتى نفاجأ بكارثة تحطم إحدى طائرات الكويتية لا سمح الله كي يدرك ويستفيق المسؤولون على مدى فداحة الأمر وخطورته؟
bushehri_33@hotmail.com |