في الانتفاضة الثانية قدم أبناء الشعب الفلسطيني أروع التضحية والفداء أمام مرأى العالم أجمع· ولا تكفي عشرات المجلدات الضخمة لسرد بطولات الفلسطينيين وتضحياتهم لاستعادة حقوقهم المغتصبة·
من أروع تلك النماذج، المجاهدة مريم فرحات (أم نضال) رمز الأم الفلسطينية المؤمنة بقضاء الله وقدره والمسلمة أمرها بأن الحقوق لا تستعاد بالجلوس خلف طاولة المفاوضات بل ببذل الدماء في ساحة المعركة والجهاد·
"أم نضال" شاركت في الانتفاضتين الأولى والثانية، وقدمت ثلاثة شهداء وجريحين وأسيرا هم أبناؤها الستة، إضافة إلى زوج ابنتها الذي سقط شهيدا وهو يدافع عن كرامة فلسطين·
لقد أذهلت "أم نضال" العالم كله عندما ودعت ابنها بكل شجاعة وصمود أمام الكاميرا ليقوم بعملية استشهادية قتل فيها سبعة جنود صهاينة·
وعند استشهاد أي ابن من أبنائها، كانت "أم نضال" ترفض استقبال المعزين، وتزين منزلها وتستقبل المهنئين بالزغاريد وتوزع عليهم شراب الورد لأن أحد أبنائها قدم دماءه فداء لأرض فلسطين·
ومنذ أسابيع قلائل، قام جنود الاحتلال الإسرائيلي بطرد "أم نضال" من منزلها الذي أضحى مزارا لكل الأحرار والمقاومين وقاموا بهدمه بالكامل· وكانت كلمات المرأة المجاهدة عندما تمت عملية الهدم مؤثرة لكل الجموع التي التفت حولها حيث قالت: "إنني أحتسب منزلي في سبيل الله·· وأأسف على الضرر الذي لحق ببعض منازل جيراني"·
هذه المرأة المناضلة وغيرها العشرات وربما المئات والآلاف هي الوجه الحقيقي للشعب الفلسطيني المقاوم· وليس أولئك الخونة الذين يقتادون على الاقتتال الداخلي ويتلقون فتات الدعم من أسيادهم في الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية·
* باحث في الصراع العربي - الإسرائيلي |