الاستجواب، وكما أشرنا سابقا، أداة رقابية دستورية مغلظة وحق مشروع الممارسة لأي نائب، وواجب السلطتين التشريعية والتنفيذية الحث على استخدامه بشكل متواتر من أجل إحساس الوزير، أي كان، بفعالية المراقبة والمتابعة مما يشكل لهذا الوزير وغيره من الوزراء هاجسا يمنعه من الانحراف عن النهج السياسي والعملي الهادف والسليم، وعلى الرغم أن هذه الأداة الدستورية يتكرر استخدامها في كثير من دول العالم الديمقراطي وبشكل يكاد يكون أسبوعيا، إلا أن المتابع لواقع ووقع الاستجواب لدينا ينتابه الكثير من الصدمة والإحباط بسبب عدم الإيمان بفعالية هذه الأداة من قبل بعض أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية بمطلقهما·
ونلاحظ الحشد والشحن والدس في النيات الممارس من قبل كلا الطرفين وخصوصا السلطة التنفيذية التي للأسف تصيبها حالة افتقاد توازن وعدم تركيز وقابلية ابتزاز غير مقبولة البتة، يشاركها هذا المنهاج بعض النواب "البلاعة" الانتهازيين والذين تجدهم مع الحق، أيا كان طرفه بل نجد البعض منهم وبلا حياء يساوم عيني عينك ضاربا مصلحة الوطن عرض الحائط إلا أن المستغرب هو موقف الحكومة التي وللأسف في كل استجواب نجدها تحاول إغراء هذه الفئة من النواب بالمكاسب، وتغدق عليهم المصالح في محاولة استمالة مواقفهم بل وفي أحيان أخرى محاولة إغراء أطراف أخرى من أجل تغيير قناعتهم أو تحييدهم في أحيان أخرى، فهل هذه الديمقراطية الحقة؟ وهل هذا العمل السياسي الذي نحسبه يصب في صالح الوطن؟ باعتقادي أن من يجرؤ على عمل كهذا لا بأس لديه أن يجير هذه المواقف لمصالحه الخاصة، وبرعاية نيابية غير سوية· نقول هذا الكلام حرصا على مصالح بلدنا وتقويما للاعوجاج والانحراف الذي لن نجني منه سوى الضياع وتفشي الفساد وكثرة المفسدين مؤكدين على أهمية أدوات المراقبة والمتابعة والمحاسبة من قبل الشرفاء من أعضاء السلطة التشريعية بفرضية وجود مساندة فاعلة ومجردة من قبل السلطة الرابعة "الصحافة" التي يفترض أن يكون دورها أكثر وطنية وحرص على مصالح المواطنين، هذا الكلام لم نقله من فراغ ولكن بعدما لاحظنا الضغوط المتواصلة والكبيرة الممارسة ضد بعض النواب من أجل تغيير القناعة أو على الأقل من أجل التحييد ولنا في هذا السياق أن نتساءل لماذا الجزع من أداة الاستجواب ونمارس تغيير القناعات ونترك باب الابتزاز والمقايضة والتنفيع مفتوحا ولماذا نخلط الأوراق بشكل يجعل المواطن البسيط في موقف لا يستطيع التمييز بين الخطأ والصواب؟ فإن كان عملنا سليما فلا بأس في الاستجواب لأنه سيزيدنا براءة ورصيدا إعلاميا طيبا ولماذا نساوم على مصالح البلد ونبدد أمواله وخيراته على أشخاص لا ذمة لهم طالما ارتضوا التكسب والترزق على حساب هذه المواقف أو بعضها جاعلين من هؤلاء أبطالا مزيفين ولو لفترة وجيزة يستطيعون من خلالها إنجاز ما يحلو لهم من مكاسب خاصة، وضد مصالح الوطن بكل تأكيد، وقد تكون في غالبها على حساب مصالح وحقوق مواطنين شرفاء، كما أن قضية خلط الأوراق والتشكيك في النيات في مرحلة الاستعداد للاستجواب يجب ألا تكون إذ يجب أن تكون الدلائل والبراهين الدامغة والموثقة هي السبيل من أجل تكوين القناعة وتحديد الموقف بدلا من الكلام المرسل، لذلك على الجميع الانتظار حتى موعد الاستجواب وسماع أدلة الاتهام من قبل النواب والإصغاء لدفاع الوزير المعني، وبالتالي تكوين القناعة بما ترضاه الذمة والضمير، واضعين نصب أعيننا مصالح البلاد والعباد، فالأمانة والمسؤولية ليست بالشيء الهين، لهذا نقول للجميع تخلوا عن الفزعة الظالمة، وتحلوا بالصبر، وانتهجوا سبيل الحق· والله الموفق·
aldhafeeri@yahoo.com |