"إن هذا الدين متين فأتوه برفق" (حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم)·
· لا أذكر آخر مرة دخلت فيها دار السينما·· لكن النقاد في مصر المحروسة حرضوني على مشاهدة فيلم "أنا مش معاهم" لكونه يتمحور حول ظاهرة التطرف الديني واللاأخلاقي على حد سواء! بمعنى أنه يعالج التطرف بتجلياته كلها! وهذه مزية تحسب للفيلم، ذلك أن العادة جرت على أن الأفلام التي عرضت خلال العقدين الأخيرين، مكرسة لمعالجة التطرف الديني وحده! والعيب الأساسي في هذه الأفلام، في ظني، يكمن في أنها محصورة في الحديث عن كيف يكون المتطرف إرهابيا فحسب! أي أنها لا تطرح السؤال: لماذا البتة!
· في فيلم "أنا مش معاهم" عمرو المنياوي "أحمد عيد" طالب الطب "الصايع" الحشاش الخمرجي الفاشل في دراسته الغشاش في الامتحانات، ابن العائلة الثرية المدلل من قبل أبيه، يحب زميلته في الكلية··· الحسناء "فرح" المتدينة المحجبة إلى درجة التنطع والتشدد المكبل للذات·· وللآخرين!
ولأنهما على طرفي نقيض··· يستحيل نشوء علاقة حب متبادلة، إذا افتقرت إلى حضور الكيمياء التي تؤلف القلوب ولكي يتقرب "عمرو" من حبيبته "فرح" شاركها التظاهر مع الجماعات الإسلامية، لكن المظاهرة أفضت به إلى الصدام مع رجال الأمن، ومن ثم السجن حيث التحقيق المضمر بالشبهات التي كرسته كواحد من عتاة الجماعات الإسلامية بينما هو في واقع الحال ولسانه يقول: "أنا مش معاهم" اسم الفيلم واضح المعنى والدلالة·
ولعله يريد أن يقول: بأنه ليس مع التطرف أيا كان نوعه· وفي الفيلم شاء السيناريست اختيار نهاية سعيدة للفيلم تقضي بلم شمل الحبيبين بعد أن اكتشفت "فرح" - بمعونة رجال الأمن - أنها كادت أن تتورط بفعل إرهابي ضد بني قومها!
· الفيلم كوميدي الأمر الذي سهل مهمة الممثلين (من الجنسين) لطرح قضية ملتبسة معقدة مثل التطرف بشقيه كما نوهنا آنفا·
نعم·· نحن إزاء فيلم كوميدي ساخر، يبدو مختلفا عن الأفلام الكوميدية إياها التي تتوسل إضحاك المشاهدين بوصلات الرقص الشرقي الرجالي الممجوج، و"الإفيهات" البذيئة الخادشة للحياء والذوق· ففي فيلم "أنا مش معاهم" ثمة موقف يتجلى في جميع أحداثه يشي بأنه لا ينتمي إلى هذه الفصيلة من الأفلام الكوميدية و"مش معاها" أبدا· فنحن نشاهد كوميديا ذات فكر ومضمون، فقد نتفق أو نختلف معها، لكنها تحرضنا على متابعتها بما يليق بها من احترام·
ومن هنا أتمنى على شركة الكويت للسينما عرض هذا الفيلم في البلاد·· لأن التطرف ليس محنة مصرية فحسب·· بل إنه حاضر في نسيج حياتنا الاجتماعية بشدة ووضوح لا تخطئهما عينا البصير! |