إن التصارع والتكالب الذي نشاهده ونلمسه من قبل بعض المرشحين للانتخابات النيابية لم يأت جزافا، ولا شك أن له أسبابه ودواعيه، كون المرشح لتلك الانتخابات، إذا تحقق له الأمل بالنجاح، سوف ينال وتنهال عليه العديد من الامتيازات، ولا سيما الرحلات السياحية المكوكية لمختلف أصقاع العالم، وإن كان الكثير من النواب يفضلون الوفادة الى الغرب، بحكم برودة الأجواء وانتشار الاخضرار ناهيك عن الوجه الحسن الممتد بمحاذاة السواحل الأخاذة لإنقاذ من لا يتقن فن العوم والسباحة!
إن تلك السفرات الاستجمامية التي تقدر كلفتها بـ 250 ألف دينارا من ميزانية الدولة، لا نعلم ماذا قدمت للوطن تماما؟ إذا كان الهدف منها مكافأة بعض النواب المجتهدين وهم من القلة، فلا بأس في ذلك، ولكن هل يستحقها كل النواب؟ بالطبع لا·
في الماضي كانت الحجة والذريعة هي من أجل كسب المزيد من الدول الصديقة، كي تنصفنا في المحافل الدولية إزاء مخاطر النظام الصدامي البائد، بيد أنه بعد سقوط ذلك النظام الاستبدادي قد انتفى ذلك العذر، إلا أنه مع الأسف مازالت تلك الوفود البرلمانية مستمرة في صولاتها وجولاتها حول المعمورة! ولم لا؟ فمبلغ 350دينارا لليوم الواحد! والمبلغ نفسه لثلاثة أيام قبل الرحلة وبعدها! وعلاوة على ذلك تذكرة السفر من الدرجة الأولى وعلى متن الخطوط الجوية الكويتية! إذا كان ممثلو الأمة لا يرحمون أموال الأمة والأجيال القادمة، فكيف لنا أن نعتب على من هم في أقل درجة وظيفية؟ وإذا كان السفر يسري في دم هؤلاء النواب، ألا يكفيهم الراتب الشهري الكبير الذي يحصلون عليه؟ إضافة الى ذلك التسهيلات البنكية والسيارات الفارهة والهاتف النقال وهلمجرا؟ يا إخوة لماذا لا تسافرون على الدرجة السياحية مادام أن التذكرة بالمجان سواء لرحلاتكم الرسمية أو الشخصية؟ حتى لا تزيدوا العجز في ميزانية الخطوط الجوية الكويتية والتي تزيد عن 221 مليون دينار!! وإذا كنتم تصرون على السفر على مقاعد الدرجة الأولى، على على الأقل ادفعوا نصف تكاليف التذكرة (راعي النصيفة سالم)· أتذكر في البرلمان السابق لعام 1999، تم نشر جدول في الصحف المحلية لعدد سفرات كل نائب، البعض منهم وصلت عدد جولاته الى 23 رحلة!! ترى هل كانت في ذلك الحين كلها أو معظمها للغرب الكافر كما يقول أنصاف المتفيقهين! ابن بطوطة الرحالة المشهور قطع 75 ألف ميلا، اعتمد في ذلك على قاعدة واحدة، لن يسلك الطريق نفسه، أي لا يزور البلد نفسه· نتمنى من النواب الذين أدمنوا على السفر ومن ميزانية الدولة، أن يقتدوا بالقاعدة التي سلكها ابن بطوطة، كي ينوعوا بالهدايا والسلع للأحباب والأتراب، و"من صاده عشى عياله" اللهم لا حسد·
اصحوا ياناس
مهما تعددت الآراء واختلفت، فلا يعقل أن الكثير من الناس لا يعلمون أو ينكرون أن (الفن) الذي يتم تقديمه في الوقت الحاضر على الساحة الغنائىة، من قبل بعض الأسماء المعروفة، لم يعد بالفن الجاد الذي عهدته الجماهير منذ عقود خلت (فالفن) الذي يعتمد على التعري والغنج المبالغ فيه الى حد الإغراء، لا شك أنه عديم الفائدة وذلك على حد تعبير أهل الاختصاص، ولكن نتساءل هنا والسؤال مشروع: هل مصير الأمة ومستقبلها مرهون فقط بتلك النماذج والصور؟ وهل البشر وصلوا الى مرحلة لا تمكنهم من الكشف عما هو مشروع وما هو محظور؟ حقيقة لا نعلم إلى متى تستمر تلك الجماعات المتسربلة برداء الدين في إشغال الأمة بسفاسف الأمور؟ يبدو أنه في ظل انطلاء حكاياتهم الهزلية على البسطاء والطيبين، سوف يبقى شباك هؤلاء المتاجرين بالدين مشرعا على مصراعيه وإلى أجل غير مسمى، مالم يتطور وعي وإدراك الجماهير لخبايا الأمور·
freedom@taleea.com |