يؤلمني ما أراه يوميا من المتحدثين باسم التيار الديني من مطالبات تأخذ في الزيادة كل يوم عن سابقه، وما يشجعهم على ذلك هو ضعف الحكومة التي لا تجد إلا أن تستجيب لهم مهما كانت مطالبهم غريبة، وقد طفت إحدى تلك المطالب على السطح مجددا وهي الحفلات الغنائية هذه القضية الهامشية التي يركز عليها التيار الديني وكأنها هي سبب تدهور حال البلد في كل المجالات والميادين·
فما المشكلة في أن تأتي المطربة الفلانية أو الفنان الفلاني الى الكويت لإحياء حفل غنائي، فمن يريد الذهاب الى تلك الأماكن يستطيع الذهاب ومن لا يرغب فلا يذهب، فأين هي المشكلة؟
ولنرجع الى تاريخ التيار الديني القريب ومطالبهم العصبية بالنسبة للحفلات الغنائية فمع انتهاء البرنامج الشهير ستار أكاديمي في عامه الأول تقرر إقامة حفل غنائي لشباب البرنامج وكان الصراخ والرفض هما وسيلتا المعارضين ومع هذا أقيم الحفل وحضره الآلاف من الجمهور وما لا يقل عن العشرين شخصا من المعارضين، وكانت حجة المعارضين من التيار الديني أن هذا البرنامج والمشاركين فيه يفسدون أخلاقيات أبناء المجتمع وتلك وجهة نظر نحترمها ولكن أن يأتي أحد المشاركين في هذا البرنامج ويغني في حفلات "هلا فبراير" ويكون الصمت هو موقف التيار الديني فهذا دليل صارخ بأن الفكرة لم تكن المحافظة على أبناء المجتمع كما يدعون بل هي البهرجة الإعلامية وإشغال الناس بتوافه الأمور، ومن ثم يأتي الدور على مطربة حققت انتشارا واسعا في الكويت والوطن العربي وكانت وما زالت تحيي حفلات الأعراس في الكويت، وما أن يتبادر الى مسامعهم أنها ستقوم بالغناء بحفلة عامة في الكويت تتسابق ألسنتهم للمطالبة بمنعها متناسين أنها أقامت حفلا في الكويت بمناسبة اختيارها كشخصية مؤثرة في الوطن العربي وقد رعى هذا الحفل رئيس مجلس الوزراء ولكنهم لم ينطقوا أبدا، وأعتقد أنكم تعرفون السبب·
والكثير من الأمثلة الأخرى التي تثبت أن مطالبهم مجرد فقاعات يودون من خلالها إبراز أسمائهم والتغطية على القضايا المهمة والحساسة، وستظل هذه المطالب تتوسع وتكبر إذا ما وجدوا السمع والطاعة من الحكومة، فسيطالبون بإلغاء الحفلات بشكل عام وبعدها إلغاء الأغاني في المطاعم والأماكن العامة ومن ثم إلغاء الأغاني في التلفزيون وسيتوسعون ليتعرضوا الى قضايا أكبر وأكبر كلما فتح لهم المجال وسيأتي يوم يطالبون فيه بإغلاق دور العبادة لغير المسلمين وأكثر وأكثر، فالى متى "بتعطونهم ويه"؟ |