حالنا العربي من المحيط الى الخليج، كما هو حال صحافتنا العربية والمحلية بشكل خاص التي تعاني، فالصحافة هي السلطة الرابعة بعد السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وهي سلطة بكل معنى الكلمة، والسلطة لا بد لها من حماية وصيانة، فمثلما أعضاء السلطة التنفيذية يحاكمون وفق قانون خاص وتحت حماية أصيلة من القانون ولهم من المميزات والمكافآت والتسهيلات ما يمكنهم من تأدية واجباتهم دون النيل منهم إلا وفق القانون، وكما نواب الأمة أعضاء السلطة التشريعية لهم الحرية فيما يبدونه من آراء وأفكار بالمجلس ولجانه ولا تجوز مؤاخذة عضو المجلس التشريعي بحال من الأحوال ولا يجوز أثناء دور الانعقاد في غير حالة الجرم المشهود أن تتخذ ضده إجراءات التحقيق والتفتيش أو القبض أو الحبس إلا بإذن من المجلس، فهذه الحصانة النيابية هي التي توفر للعضو قيامه بمهامه دون خوف أو تعمد أو تلفيق أو اتهام باطل وتمكنه من القيام بواجباته على أكمل وجه تجاه ناخبيه ووطنه وتوفر له الحماية·
أما السلطة القضائية فهي تتمتع بمميزات تمكن رجال القضاء من مباشرة أعمالهم في الحكم في القضايا المتطورة بكل حيادية ونزاهة وعدالة دون تدخل أو سماح للمتداخلين بالتأثير على أحكام وقرارات القضاة، فالحصانة القضائية تمنح رجال القضاء الحرية والتحرك لتطبيق العدالة والقانون دون خوف أو رهبة من أحد وتمنع تدخل السلطات الأخرى في اختصاصاتها·
يبقى أخيرا السلطة الرابعة وهي الصحافة، كل السلطات الثلاث السابقة تتمتع بحصانة توائم عملها وتؤمن لها القيام بأعمالها التي رسمها الدستور والقانون على أكمل وجه، ولكن السلطة الرابعة ينقصها الكثير فلا هي تتمتع بحصانة كسابقاتها ولا هي تترك لتمارس دورها الريادي وفق منظور إنساني ديمقراطي يحترم حرية الرأي والتعبير، ناهيك عما تتعرض له بعض الصحف الحرة الوطنية من تضييق، كما أن ما يزيد من معاناة الصحافة اليوم هو وقف التراخيص مما يجعلها صحافة محتكرة تمثل الأقلية، كما أن قانون الصحف والمطبوعات الحالي يجعل من الكاتب الصحافي ورئيس التحرير وسياسة الصحيفة أسرى لقانون متخلف يعامل الصحافيين كمجرمين يدخلون السجون ويدفعون الغرامات بل يطالبون بتعويضات بآلاف الدنانير والملايين وفي بعض الأوقات يهددون بحياتهم وبمستقبلهم كل هذا من أجل حجب رأيهم ونقلهم الخبر ونقدهم لوضع بحاجة الى إصلاح ولمنعهم من خلق رأي عام هذا هو حال صحافتنا اليوم في دولة تعتمد الديمقراطية والحرية·
nayef@taleea.com |