رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 23 ذو الحجة 1425هـ - 2 فبراير 2005
العدد 1663

من البحرين إلى المنفى(5)
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

في الخامسة من مساء 27 يناير 1957 وصلت البارجة البريطانية وهي تقل القادة الثلاثة: عبدالرحمن الباكر وعبد علي العليوات وعبدالعزيز الشملان الى جزيرة سانت هيلانة بعد رحلة استغرقت 31 يوما، وسانت هيلانة تلك، جزيرة في أقصى جنوب المحيط الأطلسي، تبعد عن البرازيل 2000 كم وعن رأس الرجاء الصالح 1700كم، نُفي إليها بعض المشاهير وعلى رأسهم نابليون الذي توفي بها، وقبل أن ينزل القادة الثلاثة الى البر استدعاهم قبطان البارجة وعبر لهم عن عميق تأثره بكونه هو وبحارته سجانين لهم· ووجه كلامه لهم قائلا: "إنني وجميع البحارة نشكركم على مسلككم الحسن، وتفهمكم للوضع وطاعتكم للأوامر، مما دعاني الى أن أؤمن بأن التهم التي ألصقت بكم أنتم أبرياء منها ولا شك"·

وأضاف: "والحقيقة أننا لم نجد شيئا مما قيل عنكم بأنكم سفاكون ومخربون وفوضويون، بل وجدنا شخصيات محترمة، ولا يمكن أن يصدر من طرازكم ما نسب إليكم"· ويتذكر الباكر كيف أن جمهورا غفيرا أغلبهم من النساء والأطفال تجمهروا عند الميناء" ليشاهدوا هؤلاء المجرمين الذين قاوموا الأسد البريطاني حتى ضربهم بذيله"، وكيف أن أمارات الدهشة بدت على وجوههم حينما رأوا هؤلاء الأبطال الشرفاء لدرجة أن سمع إحدى النساء المتجمهرات وهي تقول باللغة الإنجليزية: "يا له من خزي لهذه الحكومة التي تأتي بأمثال هؤلاء الطيبين لتسجنهم في بلادنا"·!!

وما إن استقر الثلاثة في سجنهم حتى كتب الباكر مخاطبا حاكم الجزيرة مطالبا ببعض الضروريات ومنها المذياع ومراسلة الأهل· وتمت تلبية تلك الطلبات بعد أكثر من شهرين، وكم كانت فرحة هؤلاء الغرباء كبيرة حينما استلموا في الثالث والعشرين من مارس 1957 رسائل من ذويهم· أما المذياع فقد أصبح سلوتهم وأنيسهم، وأصبح بإمكانهم سماع "صوت العرب" من القاهرة ومذيعها المشهور أحمد سعيد، الذي كانت للباكر علاقة وطيدة به· ولم ينس الباكر أن يرسل بالتماس لحاكم البحرين الشيخ سلمان آل خليفة في السادس عشر من مارس 1957 يشرح له ظروف اعتقالهم ومحاكمتهم وإبعادهم، راجيا منه أن يعادوا الى وطنهم فيسجنوا فيه، وقد جاء جواب حاكم البحرين بعد ستة أشهر (16/9/1957) عن طريق سكرتير حكومة البحرين سمث، وقد جاء فيه "بأن حضرة صاحب العظمة لا يمكنه في الوقت الحاضر الموافقة على التماسكم، سيفكر حضرة صاحب العظمة في هذا الأمر فيما بعد، وفي الوقت الذي يراه هو، وستبلغون عن أية قرارات مما لها مساس بكم"·

وفيما كان الباكر وصاحباه أسرى سجن يقع في أقصى المعمورة، كانت الأوضاع في البلاد العربية تمر بتغيرات سياسية كبيرة فيتفاعل معها الباكر إيجابا وسلبا·

فهاهو صديقه عبدالله زكريا الأنصاري يرسل له برقية مقتضبة ومبهمة في 22 فبراير 1958 عن قيام اتحاد بين جمهوريتين· وفي الحال عرف الباكر أن الوحدة قد قامت بين مصر وسورية وتحقق ما حلم به منذ ثلاثين عاما· وفي صبيحة الرابع عشر من تموز يوليو سمع الباكر عن طريق إذاعة لندن أن ثورة قد حدثت في العراق وسمع عن كثير من رموزها الذين كان على معرفة شخصية بهم· لكن رغم "بعض لحظات من الابتسامة الفاترة والأمل البارق" - يكتب الباكر في آخر ليلة من ليالي العام 1958 - إلا أنه على العموم كان عاما سيئا"!!

فالوعي الشعبي في البحرين قد اختفى تماما·· وجميع الشباب الواعي قد شرد من البلاد· البعض أبعد الى الكويت والبعض الى قطر والبعض الى جهات أخرى· والثورة في عمان قد قضي عليها - يقصد ثورة الإمام غالب في الجبل الأخضر - ، أما في الكويت فقد أغلقت الأندية الرياضية والثقافية والصحف وجرت اعتقالات لقادة الشباب "ولا أعلم من هم لأننا لم نسمع الأسماء" - هكذا يقول الباكر - ويضيف: "ولا ريب أن سيكون في مقدمتهم الدكتور أحمد الخطيب وغيره من الشباب الواعي المؤمن برسالته تجاه قوميته ووطنه الأكبر"· أما ما آلم الباكر أكثر فهو تطور الثورة في العراق وإقصاء التيار القومي عنها والصعوبات التي كان يواجهها جمال عبدالناصر في الجمهورية العربية المتحدة الوليدة مع بعض الأحزاب السورية وعلى رأسها حزب البعث، وللحديث بقية·

alyusefi@taleea.com

�����
   

تحذيرات "الحكيم":
د.عبدالمحسن يوسف جمال
من المسؤول عن.... ؟!:
د·أحمد سامي المنيس
العراق مَينخاف عليه!!:
سعاد المعجل
الكهفيون والديمقراطية:
محمد بو شهري
هل الدين بريء من العنف؟:
فهد راشد المطيري
مدينة كبرى بلا شعب:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
غياب الديمقراطية و"طشار" الأشقاء والأصدقاء:
مسعود راشد العميري
رسالة الحرية:
عامر ذياب التميمي
من البحرين إلى المنفى(5):
د. محمد حسين اليوسفي
من هم "الفلاشا"؟!:
عبدالله عيسى الموسوي
من يكافح الإرهاب التكفيري:
فيصل عبدالله عبدالنبي
لنرجع الى محور حديثنا..:
عبدالخالق ملا جمعة
قانون المناقصات وأسئلة النواب:
عبدالحميد علي
الإرهاب... ما الحل؟:
على محمود خاجه
كفى.. يعني كفى:
المحامي عبدالمجيد خريبط
أقوى دول العالم.. أغباها!:
رضي السماك