سعت وزارة التربية ووزارة التعليم العالي وما زالت تسعى لأن ترسخ مفاهيم محددة في عقول أبنائنا الطلبة بأن الدراسة والعلم هما سبيل التقدم والتطور ونسيت أننا نعيش في المجتمع الكويتي الذي لا يتعامل وفقا لهذه الأسس، فالوظيفة الحكومية إن توافرت للطالب الخريج فهي تأتي بعد انتظار طويل يتجمد فيها عقله وتلين فيها عزومه وإن كان من المحظوظين وتوافر له العمل فإنه في الغالب سيكون موظفا على كرسي أو كرسيا على كرسي فهو محاط بشللية اجتماعية أو دينية أو أنه محاصر بمجموعة من أصحاب العقول المتجمدة التي تشبثت بكراسيها دون أي تطوير على قدراتهم لدهر من الزمن، الأمر الذي يهدم طموح الموظف حديث التعيين وأذكر في هذا الصدد عندما انخرطت للعمل في وزارة العدل قبل بضع سنوات إثر تخرجي من الولايات المتحدة الأمريكية حاملا شهادة الهندسة المدنية فتم إجلاسي على كرسي مكسور في غرفة في السرداب لا يمر عليها إلا المساجين، وحينها لم تثبط تلك الأجواء عزمي ورغبتي في العمل، ولكنني انكسرت بشدة عندما طلب مني رئيسي المباشر أن أخلع الغترة والعقال وأتوجه لقياس موطئ قدم وكلاء النيابة وأتوجه للورشة الخارجية لتصنيع دواسة قدم لمعاليهم!! وأذكر قصتي هنا ليست للدلالة على تذمري الشخصي أو إعلاني لمظلمة ولكنني أفضل أن أضرب مثلا واقعيا مررت به شخصيا كي لا يقال بأنني أفتري القصص والتي أصبحت واضحة وأكاد أجزم بأن معظم الموظفين حديثي التخرج يعانون من الإحباط القاتل بسبب عدم ملاءمة الأعمال الحكومية لقدراتهم، ذلك إن توافرت الأعمال الحكومية أساسا، وأقترح على كل الطلبة حديثي التخرج الانخراط في معاهد تأهيلية خاصة بتعليمهم مجالسة التيارات الدينية لضمان الوظيفة والانضمام لأحزابهم لضمان كرسي وظيفي في إحدى الشركات الإسلامية التي انتشرت بشكل كبير في السنوات الخمس الأخيرة أو زيارة أعضاء الخدمات أو تعليمهم أسس عمل المفتاح الانتخابي كي يضمن لهم العضو الناجح وظيفة فور نجاحه، كما أقترح عليهم تعلم أسس التزلف والمحاباة وطاعة الأوامر وعدم الاعتراض عليها كي تضمن لهم تلك المقررات التطور في الوظائف والنجاح دون أي عقبات·
الخاتمة:
كلما دار حديث بيني وبين طرف آخر حول فتاة شقت طريقها الى النجاح في الوظيفة أجده يشكك ولو سرا في أخلاقها وارتباط سلوكها المشين بترقيها، وكلما دار الحديث حول شاب شق طريقه الى النجاح يظهر من بين المستمعين من يعزو نجاحه الى مجالسته لأعضاء الخدمات أو انتمائه لتيار ديني أو أنه يعرف "يشيل شنطة" المسؤول ويفتح له باب السيارة ويعدل له غترته!!! فهل هذا أمر صحيح؟
almelhem@taleea.com |