لست خبيرا دستوريا لكنني أدعي معرفة الحياة الدستورية ولست ممن يفتي بغير ما يعلم، إنما نحن كنا في مقاعد الدراسة علمنا مبادىء الديمقراطية وحفظنا دستور عبدالله السالم رحمه الله·· ومن ضمنه أن من يراقب ويشرع هو مجلس الأمة ومن يملك صلاحية طرح السؤال هو النائب وأي كلام خارج هذا الإطار ليس من قيمنا ولا لغتنا ومن هنا سأذكر بعض الحوادث منذ بداية العمل الديمقراطي بالكويت منذ عام 1963 عندما قدم أول استجواب من العم محمد الرشيد لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل للمرحوم عبدالله الروضان عندما حول السؤال البرلماني إلى استجواب وأثناء الإجابة تم سحب طلب الاستجواب واكتفى المستجوب برد الوزير وذلك بتاريخ 11/6/1963 والحادثة الثانية هي استجواب وزير الصحة الأسبق د· عبدالرحمن العوضي الذي قدمه المرحوم خليفة طلال الجري والذي يتعلق بسؤال مقدم من العضو يطلب تزويده بكشف بأسماء المرضى الذين أوفدتهم الدولة للعلاج بالخارج أيضا تم تحويل السؤال إلى استجواب وذلك بتاريخ 27/11/1982 عندما رفض الوزير الإجابة عن هذا السؤال وتقديم البيانات رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية أما الحادثة الأخرى كانت عندما تقدم العضو أحمد السعدون بسؤال إلى وزير المالية بتاريخ 7/8/1999 ويتضمن السؤال: هل صرفت أموال نقدية من البنك المركزي من الفترة 1/5/1999 وحتى 31/7/1999؟ لم يتم الرد على سؤاله بشكل واضح وإنما تحجج الوزير بسرية المعلومات مرة لأنها تخالف المادة 28 من قانون البنك المركزي، ومرة أخرى بقرار المحكمة الدستورية الصادر في 14/6/1986 علما بأن هذا السؤال تعاقب عليه ثلاثة وزراء مالية خلال الفصل التشريعي التاسع ولم يتمكن العضو من الحصول على إجابة واضحة عن سؤاله حتى انتهى الفصل التشريعي التاسع وهناك الكثير من الأسئلة لم يتم الرد عليها والذي ذكرته ما هو إلا للاستشهاد هذا مع وجود نص واضح وصريح بموجب المادة (99) من الدستور ولكن الغريب الآن هو تقيد السؤال البرلماني وعدم السؤال في الأمور الخاصة بالسياسة الخارجية والشؤون العسكرية والأمنية، إذاً لماذا يسمى مجلس الأمة بالسلطة التشريعية والرقابية؟ فهو الذي يشرع ويراقب أعمال السلطة التنفيذية وإذا كانت هناك أي سرية بالمعلومات توضع لدى الأمانة العامة للمجلس لسريتها ويطلع عليها العضو فقط ولا تخرج لأحد وهذا حقه الدستوري· وإلا ما معنى التعاون بين السلطتين هل هي "سوالف"؟ فمثلا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى لا يستطيع رئيس كلتا الدولتين أن يقوم بأي عمل سواء كان بالسياسة الداخلية أو الخارجية إلا بعد الرجوع إلى الكونغرس الأمريكي أما بريطانيا فمجلس العموم البريطاني، هل نحن بالكويت أفضل من هذه الدول المتقدمة أم نريد أن تدار الأمور بعقلية "الحكم المطلق"؟
إنني أدعو من صميم قلبي أصحاب الشأن والقرار إلى الاهتمام بالمصالح العليا للدولة وليس المصالح آنية وعدم العبث بالثوابت الدستورية أقول ذلك إذا كانت السلطة تعتقد أنها حققت ما عجزت عن تحقيقه منذ ما يقارب 40 عاما من العمل على تنقيح الدستور وتفريغه من محتواه بشتى السبل والآن تطلق يدها بعدم الرد على أسئلة أعضاء مجلس الأمة وتحويل السلطة التشريعية إلى "مجلس ديكور" فهذا العبث يقودنا إلى نفق مظلم من قبل مجموعة لم تؤمن يوما من الأيام بوجود مجلس أمة وديمقراطية كما نحتاج إلى حصانة وثقافة ديمقراطية تبعد عنا ما يشوش على تلك المبادىء التي درسناها ومارسناها في حياتنا·
yalmubaraki@hotmail.com |