رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 14 يونيو 2006
العدد 1732

بين الإعلامي والسياسي
علي عبيد
aliobaid2000@hotmail.com

عندما اتصل بي الصديق الدكتور مرزوق بشير مدير الإدارة الإعلامية بالأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي يدعوني للمشاركة في حلقة النقاش التي ستقيمها الأمانة حول مسيرة التعاون الإعلامي بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاما على قيام المجلس طالبا مني تقديم ورقة حول "العلاقة بين الإعلامي والسياسي وانعكاساتها على مسيرة التعاون الإعلامي" كان السؤال الذي تبادر إلى ذهني ولم أتردد في توجيهه هو: ما هو سقف الحرية المتاح للحديث في موضوع شائك وحساس كهذا؟ وحين جاءتني الإجابة بأن السقف مرفوع جدا أو لا وجود له تقريبا وجدتها مغرية، لأن المصارحة هي السبيل الوحيد للوصول إلى الحقيقة ووضع اليد على السلبيات قبل الإيجابيات، ولأننا إذا فعلنا ذلك نكون قد مهدنا الطريق لتفعيل دور الإعلام في جميع المجالات، كي يتمكن من مساندة متطلبات العمل المشترك بين دول مجلس التعاون بعد خمسة وعشرين عاما من قيام هذا الكيان الوحدوي، غداة الاحتفال بيوبيله الفضي·

رغم أن العلاقة بين الإعلامي والسياسي ليست من ذلك النوع الذي يصطبغ باللون الوردي عادة، إلا أنه يمكن وصفها بالعلاقة الغرامية المتوترة التي يشوبها الزعل والخصام أكثر مما يسودها الوئام· فمع أن الإعلامي مغرم بالسياسي والسياسي مغرم بالإعلامي إلا أنه غرام من نوع مختلف، أو هو غرام من ذلك النوع الذي يمكن أن نسميه ملتهبا·

ورغم أن شعور الفأر الذي طلب منه أن يعلق الجرس في رقبة القط قد سيطر عليَّ وأنا أفكر في عناصر الورقة التي طُلب مني تقديمها، فقد فضلت أن أقرِّب صورة العلاقة بين الإعلامي والسياسي من خلال هذه الحكاية التي يرويها أحد رؤساء تحرير الصحف الخليجية·

يقول صديقنا إنه دُعي ذات مرة لمرافقة شخصية سياسية كبيرة في بلده في أثناء زيارة رسمية ستقوم بها هذه الشخصية لدولة من دول المجلس ضمن الوفد الإعلامي المرافق لتلك الشخصية، فغمرت صاحبنا السعادة لأنه سيتمكن من لقاء مسؤولين من أصحاب القرار في قمة السلطة ، وربما خرج من هذه الزيارة بتصريح خاص أو انفراد تتميز به صحيفته·

يكمل صديقنا العزيز قائلا إنه تم إبلاغه وبقية أعضاء الوفد الإعلامي بأن طائرة خاصة ستقلهم إلى الدولة المضيفة قبل الزيارة الرسمية بيوم واحد لترتيب أمورهم فاستبشر صاحبنا خيرا وهيأ نفسه لتغطية متميزة· وصل الوفد الإعلامي إلى البلد الخليجي المضيف حيث تم إسكانهم في أحد الفنادق الفاخرة، وفي اليوم التالي وصلت الشخصية الكبيرة التي كانت إقامتها في أحد قصور الضيافة حيث بدأت الزيارة وانتهت وغادرت الشخصية البلد المضيف دون أن يتاح لأيٍّ من أعضاء الوفد رؤيتها أو حضور جانب من برنامج الزيارة، ليعودوا إلى بلدهم في الطائرة نفسها التي أحضرتهم بعد ثلاثة أيام من الاستمتاع بمرافق الفندق ومطاعمه المتنوعة الفاخرة، أما ما تم أثناء الزيارة فقد قرؤوه في الخبر الرسمي الذي بثته وكالتا الأنباء الرسميتان في الدولتين!

هذا نموذج لعلاقة الإعلامي بالسياسي، وهو نموذج واضح إنه يصور هذه العلاقة ومفهومها بشكل سلبي يدفعنا إلى السؤال عن الكيفية التي ينظر بها السياسي إلى الإعلامي، والإعلامي إلى السياسي؟

ينظر السياسي إلى الإعلامي غالبا على أنه موظف عنده أو عند سياسي آخر زميل له في مجلس الوزراء هو وزير الإعلام عادة أو لدى مؤسسات تخضع لقوانين المطبوعات والنشر أيًّا كانت ملكيتها· ولذلك فمطلوب منه دائما أن يلمِّع صورة هذا السياسي ليظهره في أجمل شكل و يلبسه أبهى حلة، متغاضيا عن الحقيقة التي ربما كانت على خلاف ذلك تماما· وعليه أن يتعامل معه من خلال مكتبه أو إدارة العلاقات العامة في وزارته، إذ ليس مسموحا له في كثير من الأحيان بالتعامل المباشر معه·

أما الإعلامي فإنه ينظر إلى السياسي على أنه مصدر مهم من مصادر أخباره التي بدونها يصبح الإعلامي عاطلا عن العمل أو مقصرا في نظر صحيفته أو إذاعته أو محطة التلفزيون التي يعمل بها، ولكنه رغم حاجته إليه فمطلوب منه أن يتعامل معه بحذر شديد لأن هذا المسؤول يستطيع أن يبطش به أو يتسبب في قطع رزقه، أو هذا على الأقل ما رسخ في عقل الإعلامي ووجدانه، إما بتراكم الخبرة والتجربة، أو من خلال حسابات معينة يختلف تقديرها من شخص إلى آخر·

إلى أي مدى تغيرت هذه النظرة، أو تطورت هذه العلاقة، وهل هناك أمل؟

نعم هناك أمل بعد ثورة التكنولوجيا التي يشهدها العالم اليوم، إذ لم تعد الحدود مغلقة كما كانت، ولم تعد الكلمة محاصرة، ولم تعد الصورة معتمة· والدليل على هذا التغير الذي حدث ويحدث في العلاقة بين الإعلامي والسياسي، أو المسؤول بشكل عام، هو هذا التفاعل الذي نشاهده في بعض دول المجلس بين المسؤولين من ذوي الدرجات الرفيعة كالوزراء ووكلاء الوزارات وبين المستمعين عبر برامج البث المباشر في الإذاعات، ومن خلال الاهتمام بتوضيح الأمور والرد على القضايا والمشاكل التي تنشرها الصحف مسلِّطةً الضوء على السلبيات التي تعاني منها بعض الوزارات والدوائر ومرافق الخدمات، ومن خلال التواصل الميداني مع الجمهور الذي تجد فيه وسائل الإعلام مادة خصبة للتغطية والمتابعة والتّماسّ المباشر مع المسؤولين من ذوي المراتب العليا·

كيف يجب أن تكون العلاقة بين الإعلامي والسياسي؟

منطق الأشياء وطبيعة العلاقات الإنسانية يقولان إن هذه العلاقة يجب أن يسودها الاحترام المتبادل والوئام وتقدير كل طرف منهما للمهمة التي يؤديها الطرف الآخر· نحن لا ننكر أن هذا الاحترام موجود لكنه مشوب أحيانا بمقدار من الخوف الذي يحمله الإعلامي تجاه السياسي· لذلك يجب أن يعمل الطرفان على إزالة هذا الحاجز، ولا شك أن المبادرة يجب أن تأتي من قبل السياسي الذي يملك زمام الأمور بينما الإعلامي هو الطرف الأضعف في هذه المعادلة·

العلاقة بين الإعلامي والسياسي يجب أن تكون علاقة تكاملية وليست تصادمية، لأن كلا منهما يؤدي واجبا ومهمة، وما لم يشعر السياسي بأهمية المهمة التي يؤديها الإعلامي فإن مهمة هذا الإعلامي ستفشل، في حين ربما لا يتحقق النجاح الكامل أو المساندة الجماهيرية لمهمة السياسي إذا ما استبعدنا الفشل·

والحل في رأيي هو أن يتمتع السياسي بثقافة إعلامية تعينه على فهم مهمة الإعلامي، وتدفعه إلى الإسهام في نجاح هذه المهمة، وأن يتمتع الإعلامي بثقافة سياسية تجعله يتعامل مع هذا السياسي بمهنية عالية وذكاء وحصافة يعينانه على أداء مهمته، ويردمان الهوة القائمة بينهما· بهذه الطريقة تتوطد العلاقة بين الإعلامي والسياسي وتنعكس بشكل إيجابي على مسيرة التعاون الإعلامي الخليجي·

هذه هي الصورة التي يجب أن تكون عليها العلاقة بين الإعلامي والسياسي، وهي صورة إذا ما تخلصت من الشوائب واكتملت فستكون واحدة من أهم وأكبر إنجازات مجلس التعاون الخليجي؛ بيتنا الكبير الذي نعتز به، وشجرتنا الوارفة التي نتفيؤ ظلالها، وكياننا الوحدوي الذي نتمنى له كل التوفيق والنجاح دائما·

* كاتب إماراتي

�����
   

شباب الإنترنت:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
شارع الكويت السياسي!!:
سعاد المعجل
نبيها تحالف:
المحامي نايف بدر العتيبي
وتبقى الإرادة والهوية:
مسعود راشد العميري
مذبحة "الشامية":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
هذا هو دورك أيها الناخب:
عويشة القحطاني
الصوت النسائي:
د. محمد حسين اليوسفي
نظرة إلى الجولان المحتل :
عبدالله عيسى الموسوي
بين الإعلامي والسياسي:
علي عبيد
حكومة الأغلبية:
المحامي فواز مناور العنزي
ضعنا "بطوشة" الانتخابات:
يوسف الكندري
لكي لا يختلط الحابل بالنابل:
فيصل عبدالله عبدالنبي
جَمال شرى الأصوات:
على محمود خاجه