رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 14 مارس 2007
العدد 1765

رسالة إلى إرهابي
علي عبيد
aliobaid2000@hotmail.com

بعد يومين قضتهما المجموعة المكونة من 26 شخصا من الرجال والنساء والأطفال الفرنسيين والبلجيكيين في مدائن صالح بمحافظة العلا على بعد 380 كلم شمال المدينة المنورة توزعت المجموعة على فرقتين، حيث توجه البعض إلى الرياض، فيما فضل تسعة فرنسيين بينهم عائلة مسلمة التوجه إلى المدينة المنورة، ومن ثم إلى مكة المكرمة لتأدية العمرة، لكن يد الإرهاب أبت إلا أن تطالهم، حيث فاجأتهم سيارة يستقلها ثلاثة أشخاص، سألوهم عن جنسياتهم، ثم قاموا بعزل النساء والأطفال عن الرجال الذين اقتادوهم إلى حيث رشقوهم بوابل من الرصاص فأردوا ثلاثة منهم على الفور بينما نازع الرابع حتى فارق الحياة في اليوم التالي بمستشفى المدينة المنورة·

من بين الأربعة الذين قضوا برصاص الإرهاب كان جون مارك الذي أسلم قبل ثلاثة شهور، وكان يحب مناداته منذ أن أسلم باسم "يحيى"· وكان من بينهم أيضا مبارك جون مارك ذو السبعة عشر ربيعا· ولأن أم مبارك ذات الأصول المغربية قد ألجمتها الفاجعة فلم تعد قادرة على التعبير، كانت هذه الرسالة التي نوجهها نيابة عنها:

 

سيدي الإرهابي،،،

 

وليعذرني كل من يقرأ رسالتي هذه لاستخدامي كلمة "سيدي" التي لا يصح أن تناديك بها زوجة وأم فُجِعت بفقد زوجها وولدها، لكن الواقع يفرض نفسه عليها، والواقع يقول إن الإرهاب أصبح في زمننا هذا سيد الموقف، وأنكم معشر السادة الإرهابيين قد اقتربتم من إدارة العالم وفرض إرهابكم عليه، لا فرق في ذلك بين إرهاب فرد وإرهاب منظمة وإرهاب دولة عظمى·

 

سيدي الإرهابي،،،

 

أعترف لك بأن المفاجأة قد أفقدتني تركيزي فلم أعد أعرف من أين أبدأ رسالتي، وربما لن أعرف أين وكيف سأنهيها· لكن الذي أعرفه جيدا أنك ورفاقك قد هدمتم بفعلتكم هذه ما بنيناه أنا وزوجي وابني، وشوهتم صورة جميلة عملنا على تكوينها عن الإسلام؛ دين المحبة والسلام الذي تحاولون تقويضه بوسائلكم البعيدة عن روح الإسلام وقيمه ومبادئه وتعاليمه·

 

سيدي الإرهابي،،،

 

كم كنا نتمنى - أنا وزوجي وابني اللذين أنهيتم حياتهما - لو أنك ورفاقك تخليتم عن بنادقكم ساعة وانضممتم إلى تلك المجموعة التي كنا معها لتسهموا معنا في تكوين الصورة الجميلة التي كنا نحاول رسمها عن الدين الذي جعلتمونا بفعلتكم هذه نشك في أنكم تدينون به مثلنا أو تفهمونه مثلما نفهمه نحن، دون أن ننتقص من الأديان الأخرى أو نزدريها، ودون أن نحقد على الذين يدينون بها ما بقي الاحترام قائما بيننا وبينهم، وما بقيت الحقوق مصانة ومحفوظة·

 

سيدي الإرهابي،،،

واضح أن قراركم إنهاء حياة بعض أفراد مجموعتنا كان قرارا انفعاليا وعصبيا وليد اللحظة التي شاهدتمونا فيها دون أن تتبينوا حقيقة أمرنا كما أمركم الخالق في كتابه عندما قال "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"· لذلك لم تفكروا في حرمة دمائنا نحن المسلمين إخوانكم في العقيدة والدين، ولم تفكروا في حرمة دماء غير المسلمين الذين حرم الله دماءهم أيضا في غير قتال، وكفل لهم حرية العقيدة بنصوص واضحة في القرآن الكريم عندما قال وقوله الحق: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"· فإذا كان المولى جل وعلا قد ترك حرية الاختيار للبشر ولم يكره أحدا على الإيمان به فكيف يحق لنا نحن البشر أن نكره الناس ونقتلهم بسبب اختلاف عقائدهم عن عقيدتنا؟

 

سيدي الإرهابي،،،

 

واضح أن أفكاركم مشوشة وأن المفاهيم عندكم ملتبسة، لأنكم لو بحثتم في نصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة كلها فلن تجدوا فيها آية واحدة ولا حديثا يبيحان لكم دماء المدنيين من غير المسلمين ما داموا ملتزمين بالأحكام العامة التي ارتضوها مع المسلمين ولم يخرجوا عليها، وإنما أمر بقتال من اعتدى على المسلمين وحاربهم فقال "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"· ويشهد الله أن المجموعة التي كنا فيها قد أحبت بلدكم، بل وعشقته كما يشهد بذلك أصدقاء وزملاء الضحيتين غير المسلمتين اللتين أنهت حياتهما رصاصاتكم الحمقاء التي استقرت في قلوب أصدقاء محبين لبلدكم وأرضكم فأطلقت العنان لشماتة أعدائكم وأعداء الإسلام الذين ما فتئوا يتحينون الفرص للنيل منكم ومن دينكم، وما فتئتم أنتم تمنحونهم الفرصة تلو الفرصة لتحقيق ذلك·

 

سيدي الإرهابي،،،

 

أعرف أن مبرراتكم كثيرة، لكنها مبررات لا رصيد لها من العقل والمنطق، ناهيك عن الدين الذي لا يقرها ولا يعترف بها· فإذا قلتم إن ما تفعلونه انتقام لما يحدث للمسلمين في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها من مناطق العالم رد عليكم القرآن الكريم قائلا "ولا تزر وازرة وزر أخرى" ورد عليكم رسول الإنسانية قائلا "من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ شيئا منه بغير رضاه فأنا حجيجه يوم القيامة"· وهؤلاء الذين أطلقتم النار عليهم إنما هم أهل عهد، قدموا إلى بلادكم ليسهموا معكم في أعمارها ونهضتها، فهل كان خياركم أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم حجيجكم يوم القيامة؟

 

سيدي الإرهابي،،،

 

أعرف أن كل حججي في نظرك باطلة وهي عندك مرفوضة سلفا، وأعرف أكثر أن الحوار معك لن يصل حتى إلى أذنيك اللتين سددتهما عن سماع الحق بعد أن آليت على نفسك أن تغلق عقلك فلا تسمح لغير التعصب بأن ينفذ إليه، وأن تغلق قلبك فلا تسمح لنفحة رحمة أن تتسلل إليه· ومع ذلك قررت أن أخاطبك امتثالا لقول الله تعالى "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" هذا إن كان ثمة ذرة من إيمان حقيقي في قلبك·

 

سيدي الإرهابي،،،

 

سوف أنحّي جانبا أصدقائي من غير المسلمين عن الخطاب وأخاطبك خطاب مسلم لمسلم أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم من على المنبر يوم عرفة بصون دمه فقال: "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه" ونهاه عن ترويع أخيه فقال: "لا يحل لمسلم أن يروع مسلما" فأُشهِد الله ورسوله أنك قد استحللت دمي ومالي في البلد الحرام، وروعتني ثم فجعتني بقتل زوجي وابني، وسميت ما قمت به جهادا، فأي جهاد هذا الذي يجيز ترويع الآمنين ويبيح سفك دماء المسلمين؟ ومن ذا الذي أباح لك أن تحلل ما حرم الله وتفصِّل الدين على مقاسك ووفق هواك؟ ألم تقرأ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "من خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه"؟

 

سيدي الإرهابي،،،

 

لو علمت مقدار الخدمة التي قدمتها لأعداء الإسلام لوضعت رأسك في الأرض خجلا ولامتلأ قلبك ندما على ما فعلت· فليت لك عقلا يعي فيخجل، وليت لك قلبا يحس فيندم·

عزائي أن زوجي وابني قد ذهبا شهيدين عند ربهما، وسوف يبقى دمهما معلقا في رقابكم إلى يوم القيامة، ويوم القيامة (سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)·

وعزائي أنك وصحبك قد عدتم إلى العتمة كما تفعل الخفافيش التي نحسبها أفضل منكم لأنها ضعيفة البصر فقط، أما أنتم فضعفاء البصر والبصيرة معا· والسلام على من اتبع الهدى·

 

 *كاتب إماراتي

 aliobaid2000@hotmail.com

�����
   

رهاب الاستجواب:
سليمان صالح الفهد
حكومات قصيرة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
ثنائية العرب الخالدة:
سعاد المعجل
من شاب كويتي إلى صاحب السمو فقط:
على محمود خاجه
بلطجة أم تخريب؟!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
رسالة إلى إرهابي:
علي عبيد
الأدوار الجديدة.. من الداخل:
الدكتور محمد سلمان العبودي
أخطاء طبية قاتلة:
المحامي نايف بدر العتيبي
سمو رئيس الوزراء والحكومة المنتظرة:
المهندس محمد فهد الظفيري
وماذا عن الحقوق الفلسطينية؟!:
عبدالله عيسى الموسوي
الى الأمير طلال بن عبدالعزيز مع التحية:
د. عمران محمد القراشي
نصيحة الأمير طلال... وديمقراطيتنا:
خالد عيد العنزي*
الدافعية للتعلم:
د· منى البحر